
عاد جواد الزيات إلى رئاسة نادي الرجاء الرياضي، بعدما اختاره منخرطو الفريق رئيساً جديداً في أعقاب جمع عام استثنائي انعقد في الدار البيضاء، وسط أجواء مشحونة بالأمل والحذر. الرجل الذي غادر المكتب المسير قبل خمس سنوات، يعود اليوم حاملاً على كتفيه طموحات جماهير تتوق إلى استرجاع مجد ضائع، وتخشى في الآن ذاته من تكرار دوامة الإخفاق.
انتخاب الزيات لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان استعادة لوجه مألوف في زمن الأزمة. فبعد موسم اعتبره الكثيرون الأسوأ في تاريخ الرجاء، بدا أن المنخرطين فضّلوا رهان المجرب على المجهول. وفي جولة حاسمة من التصويت، حصل الزيات على أغلبية الأصوات، متقدماً على منافسه عبد الله بيرواين، بينما خرج سعيد حسبان من السباق مبكراً، بعد أن فشل في إقناع المنخرطين بمشروعه.
الرئيس الجديد عاد بخطاب لا يختلف كثيراً عن سابقه، لكنه بدا أكثر تحفظاً هذه المرة، وهو يشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود لا البطولات الكلامية. الزيات، الذي تولى رئاسة الرجاء بين 2018 و2020، يحاول استثمار رصيده السابق الذي تُوّج خلاله الفريق بلقب الدوري وكأس الكونفدرالية والسوبر الإفريقي، ليعيد ترميم علاقة الثقة مع جماهير لم تعد تكتفي بالوعود.
وفي أولى كلماته بعد انتخابه، خاطب الزيات الرجاويين بنبرة تطمينية، قائلاً إن الرجاء “يمر بمرحلة دقيقة”، لكنه أبدى ثقته في أن النادي قادر على استعادة توازنه بشروط أبرزها الانضباط المالي والتنظيمي، والانفتاح على الكفاءات، والاشتغال داخل شركة النادي بشكل احترافي بعيداً عن منطق الولاءات.
الزيات الذي ارتبط اسمه بمرحلة انتقالية سابقة، يعرف أن الظرفية الحالية لا تسمح بهامش كبير من الخطأ. فالرجاء لم يعد يحتمل المزيد من النكسات، والجماهير التي رفعت منسوب الاحتجاج طيلة الموسم الماضي، تنتظر خطوات ملموسة أكثر من الشعارات. ما بين التحديات الرياضية والموازنات المالية، يجد المكتب الجديد نفسه أمام تركة ثقيلة، تتطلب قرارات جريئة وسريعة، قد لا تكون شعبية بالضرورة.
المكتب المسير الجديد يضم أسماءً وُصفت بأنها مزيج من أصحاب التجربة والشباب الطموح، وهو ما قد يساعد الزيات على إعادة ترتيب البيت الداخلي. غير أن عامل الوقت وضغط النتائج سيبقيان العنصر الحاسم في تحديد مدى نجاح هذه الولاية الجديدة.
الرجاء، كما قال الزيات، ليس نادياً عادياً، بل مؤسسة لها امتداد شعبي وشحنة عاطفية كبيرة، وما فشل فيه الآخرون لا يعني بالضرورة أنه قادر على تجاوزه بسهولة. ومع عودة الموسم الرياضي إلى الأفق، ستتجه الأنظار إلى قرارات هذا المكتب الجديد، وخياراته التقنية، وتعامله مع الملفات الحساسة التي تنتظره، بدءاً من الانتدابات، مروراً بتسوية وضعية بعض اللاعبين، وليس انتهاءً بمستقبل الطاقم التقني.
الزيات عاد إذن، لكن الرجاء ما زال يبحث عن طريق العودة نحو القمة. وبين الذاكرة الجماعية التي تحتفظ له ببعض النجاح، والمستقبل الذي قد يُحكم عليه فيه بقسوة، تبدو الولاية الجديدة محفوفة بما يكفي من التحديات لتُحسب عليه بكل تفاصيلها.



