جماعة العدل والإحسان تحذر من تداعيات تعديلات مدونة الأسرة على التماسك الاجتماعي

Heure du journal - خالد وجنا

يعيش المغرب نقاشاً حاداً حول تعديلات مدونة الأسرة، التي يرى فيها البعض ضرورة لتحديث التشريعات ومواكبة التحولات الاجتماعية، بينما يعتبرها آخرون خطراً على استقرار المجتمع وقيمه الأساسية. وقد أثارت جماعة العدل والإحسان، عبر بيان حديث، جدلاً واسعاً بتسليطها الضوء على تداعيات هذه التعديلات، معتبرة أنها تشكل تهديداً للتماسك الأسري والاجتماعي في البلاد.

بحسب البيان، فإن الوضع الديموغرافي للمغرب، الذي كشفت عنه إحصاءات حديثة، يدعو إلى اليقظة والحذر بدلاً من المضي في تبني سياسات قد تزيد من تعقيد الأزمة الاجتماعية. حيث أظهرت الإحصاءات ارتفاعاً حاداً في معدلات الطلاق، إذ قفز عدد الحالات المسجلة من 43,438 حالة سنة 2014 إلى 135,000 حالة في سنة 2021. هذا الارتفاع المقلق يعكس تحولات عميقة في بنية الأسرة المغربية، مما يجعل الحاجة إلى استقرار التشريعات أكثر إلحاحاً.

علاوة على ذلك، أشار البيان إلى تأثير هذه التعديلات على عزوف الشباب عن الزواج، وهو عامل آخر قد يفاقم من أزمة الخصوبة التي تشهدها البلاد. فالإحصاءات الأخيرة تكشف عن انخفاض نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة إلى 26.5% من إجمالي السكان، ما يعكس تغيرات في الهيكل العمري قد تكون لها تداعيات خطيرة على المدى الطويل. هذه الأرقام تحمل في طياتها إشارات إنذار واضحة حول التحديات التي تواجه المغرب في الحفاظ على توازنه الديموغرافي والاجتماعي.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن للمغرب أن يتحمل عواقب سياسات قد تدفع بالمجتمع نحو التفكك الأسري وزيادة التوتر الاجتماعي؟ جماعة العدل والإحسان ربطت بين هذه التوجهات وما آلت إليه بعض المجتمعات الغربية، حيث أصبحت الإحصاءات المتعلقة بالتفكك الأسري صادمة، ودعت إلى استخلاص العبر من تلك التجارب.

من جانب آخر، يرى المدافعون عن التعديلات أنها تهدف إلى تحقيق المساواة وتعزيز حقوق الأفراد، خاصة النساء. إلا أن الأصوات المنتقدة تؤكد أن مثل هذه التغييرات ينبغي أن تُوازن بين تعزيز الحقوق الفردية وحماية القيم والمصالح الجماعية للمجتمع.

التحدي الذي يواجه المغرب اليوم هو إيجاد توازن بين تحديث التشريعات والحفاظ على استقرار المجتمع. هذه المعادلة الحساسة تتطلب نقاشاً عميقاً وشاملاً يشارك فيه جميع الفاعلين، من سياسيين واجتماعيين ودينيين، لضمان أن التعديلات تخدم مصلحة الوطن دون المساس بنسيجه المجتمعي.