وفاة جين هاكمان عن 95 عامًا: مسيرة سينمائية عظيمة

Heure du journal

توفي الممثل الأمريكي الأسطوري جين هاكمان عن عمر يناهز 95 عامًا في منزله بمدينة سانتا في، حيث كان يقيم مع زوجته بيتسي أراكاوا، التي رافقته منذ عام 1991. يعد هاكمان واحدًا من أعظم ممثلي هوليوود، إذ اشتهر بأدواره القوية في أفلام مثل بوني وكلايد، الرابط الفرنسي، وغير المسامح، التي جعلته يحصد جوائز كبرى، من بينها جائزتا أوسكار. لكن خلف الكواليس، لم يكن الطريق نحو النجاح مفروشًا بالورود، فقد دفع ثمن مسيرته الفنية نجاحًا على حساب حياته الشخصية وعلاقاته العائلية.

 

كان زواجه الأول من فاي مالتيز، الذي استمر أكثر من ثلاثة عقود، متأثرًا بشدة بطموحه المهني المتزايد. التقى الزوجان لأول مرة عام 1955 في إحدى حفلات Y.M.C.A بنيويورك، حين كان هاكمان في بداياته، شابًا يكافح لتحقيق أحلامه السينمائية. في تلك الفترة، عاشا حياة متواضعة في شقة صغيرة تفتقر حتى إلى الماء الساخن. لم تكن البداية سهلة، حيث تنقل هاكمان بين وظائف مختلفة قبل أن يبدأ في شق طريقه في عالم التمثيل، الأمر الذي تطلب منه تكريس وقت هائل لمسيرته المهنية على حساب حياته الأسرية.

 

مع ازدياد شهرته في الستينيات والسبعينيات، أصبح هاكمان غارقًا في العمل، حيث كان يقبل أدوارًا جديدة دون توقف، وهو ما أثر على علاقته بزوجته وأطفاله الثلاثة: كريستوفر ألين، إليزابيث جين، وليزلي آن هاكمان. في مقابلة مع نيويورك تايمز عام 1989، أقر بأنه أصبح أنانيًا مع ازدياد نجاحه، حيث قال: “عندما تبدأ في تحقيق الشهرة، يصبح من الصعب رفض أي فرصة تُعرض عليك. المال، الاعتراف، والإغراءات كانت كثيرة، ولم أكن مستعدًا لموازنة ذلك مع مسؤولياتي العائلية.”

 

لم يكن غيابه الطويل عن المنزل مجرد مشكلة عابرة، بل تسبب في إحداث فجوة عاطفية بينه وبين عائلته، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى طلاقه من فاي مالتيز عام 1986. في حديث آخر مع مجلة GQ عام 2011، عبر هاكمان عن ندمه لفقدانه التواصل مع أبنائه، خاصة ابنه كريستوفر، قائلاً: “كنت أبتعد عن المنزل لأشهر بسبب تصوير الأفلام، ثم أعود محاولًا لعب دور الأب، لكن ذلك لم يكن سهلًا. لقد كنت غائبًا عندما كانوا بحاجة إليّ.”

 

على الرغم من تلك التحديات الشخصية، واصل هاكمان مسيرته الناجحة، مقدّمًا أدوارًا متميزة في أفلام نالت إعجاب النقاد والجماهير. لكنه في أوائل الألفية الجديدة، قرر الابتعاد عن التمثيل نهائيًا، ليعيش حياة أكثر هدوءًا مع زوجته الثانية بيتسي أراكاوا، عازفة البيانو الكلاسيكية من هاواي. انتقل إلى سانتا في، حيث كرس وقته للكتابة والرسم، مستمتعًا بعزلته بعيدًا عن أضواء هوليوود.

 

وفاته تمثل نهاية حقبة سينمائية، إذ ترك وراءه إرثًا سينمائيًا خالدًا يمتد لعقود. رغم نجاحه الكبير في الشاشة الفضية، تبقى قصته تذكيرًا بأن الشهرة والمجد قد يكون لهما ثمن باهظ يدفعه الإنسان في حياته الشخصية. وبينما يودّع العالم أحد أعظم ممثليه، يظل جين هاكمان رمزًا للالتزام الفني الذي جاء بمزيج من الإنجازات والتضحيات.