الملك محمد السادس يدعو المغاربة إلى عدم ذبح الأضاحي هذه السنة بسبب الظروف الاقتصادية والمناخية

Heure du journal

في خطوة غير مسبوقة، وجه الملك محمد السادس رسالة سامية إلى الشعب المغربي، دعا فيها إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، نظرًا للتحديات المناخية والاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على قطاع الماشية. تأتي هذه الدعوة في سياق حرص الملك، بصفته أمير المؤمنين، على التخفيف من الأعباء التي قد تثقل كاهل المواطنين، خصوصًا الفئات ذات الدخل المحدود، مع التأكيد على استمرار الاحتفال بالعيد في أبعاده الروحانية والاجتماعية.

 

الرسالة الملكية جاءت لتؤكد مرة أخرى نهج الحكمة والتبصر الذي يميز تدبير الشأن الديني بالمغرب، حيث تم استحضار مقاصد الشريعة الإسلامية التي تجعل التيسير ورفع الحرج مبدأ أساسيًا في العبادات والمعاملات. فالملك، مستندًا إلى الدور الديني الذي يضطلع به، أشار إلى أن عيد الأضحى سنة مؤكدة مشروطة بالاستطاعة، وهو ما يجعل عدم القيام بها في ظل هذه الظروف الصعبة خيارًا مشروعًا ومنسجمًا مع تعاليم الدين الإسلامي.

 

التوجيه الملكي لم يلغ الاحتفال بعيد الأضحى، بل شدد على ضرورة الحفاظ على طقوسه الروحانية من خلال إقامة صلاة العيد في المصليات والمساجد، وصلة الرحم، وإنفاق الصدقات، وتعزيز قيم التضامن والتآزر التي لطالما كانت جزءًا أصيلًا من الهوية المغربية. كما أكد الملك أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن شعبه، اقتداءً بسنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، في خطوة ترمز إلى التكافل والتراحم بين القيادة والشعب.

 

هذه الدعوة الملكية تحمل في طياتها بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا عميقًا، حيث تضع مصلحة المواطنين فوق كل اعتبار، وتراعي الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وهي دعوة من شأنها أن تخفف الضغط على الأسر المغربية التي تجد نفسها سنويًا أمام التزام مالي كبير لاقتناء الأضحية، رغم أن الإسلام جعلها شعيرة مرتبطة بالقدرة والاستطاعة.

 

التجاوب مع هذه الدعوة سيكون اختبارًا لمدى وعي المجتمع المغربي وتفاعله مع التوجيهات التي تصب في مصلحته العامة. فالالتزام بها لا يعني فقط الامتثال لأمر ديني صادر عن أمير المؤمنين، بل هو أيضًا تعبير عن إدراك جماعي لأهمية التضامن الاجتماعي في مواجهة الأزمات. كما أنها تعكس صورة المغرب كدولة تعتمد مقاربة دينية مرنة ومتوازنة، تتكيف مع الواقع وتحرص على تحقيق مقاصد الشريعة بعيدًا عن الجمود والانغلاق.

 

في ظل هذه المستجدات، يبقى عيد الأضحى مناسبة لتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية، بعيدًا عن المظاهر المادية التي قد تثقل كاهل الكثيرين. وسيظل المغاربة يحتفلون بهذه المناسبة بنفس الروح الإيمانية والتضامنية، مؤكدين مرة أخرى أن قيم الإسلام الحقيقية تتجلى في التراحم والتآزر، أكثر من ارتباطها بالممارسات الشكلية فقط التي قد تتحول إلى عبء على البعض.