مجتمع

وزارة التربية الوطنية تطلق برنامجاً وطنياً لتعزيز الأمن المدرسي بكاميرات مراقبة حديثة

في خطوة لافتة تهدف إلى تعزيز الأمن داخل المؤسسات التعليمية في المغرب، أعلن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، عن برنامج وطني شامل لتزويد المدارس بكاميرات مراقبة حديثة. هذه المبادرة تأتي ضمن جهود الوزارة لتوفير بيئة تعليمية آمنة تضمن سلامة التلاميذ والأطر التربوية والإدارية، وتواكب التحديات المتزايدة التي تواجه المؤسسات التعليمية على الصعيد الوطني. جاء هذا الإعلان في سياق إجابة الوزير عن سؤال كتابي تقدمت به إحدى النائبات البرلمانيات، حيث أكد أن هذا المشروع يعكس التزام الحكومة بتطوير قطاع التعليم عبر تعزيز الأمن داخل فضاءاته.

 

وأشار الوزير إلى أن الكاميرات المقرر تركيبها لا تقتصر فقط على رصد المخاطر، بل تُعتبر أداة وقائية تسهم في محاربة الظواهر السلبية مثل العنف المدرسي، التخريب، والتحرش، التي باتت تشكل تهديداً ملموساً في بعض المؤسسات. كما أوضح أن الكاميرات ستعزز من قدرة الإدارات على مراقبة الأنشطة اليومية داخل المدارس وضمان تطبيق القواعد والانضباط. وأضاف أن المشروع يشمل استخدام أحدث التقنيات التي تتيح تحليل الصور والفيديوهات بشكل ذكي، مما يرفع من فعالية النظام الأمني.

 

في سياق متصل، كشف الوزير عن توقيع اتفاقيات شراكة مع وزارة الداخلية لتعزيز الحراسة الأمنية بمحيط المدارس، وهو ما يتماشى مع استراتيجية وطنية شاملة لضمان الحماية المدرسية. هذه الاتفاقيات تهدف إلى تعزيز التنسيق بين السلطات الأمنية المحلية والمؤسسات التعليمية، إلى جانب تشجيع التعاون مع جمعيات الآباء والمجتمع المدني لتطوير حلول جماعية تُسهم في الحد من التهديدات المحتملة.

 

من جهة أخرى، شدد الوزير على أن المشروع لا يقتصر على الجانب التقني، بل يهدف أيضاً إلى تعزيز الوعي الأمني لدى التلاميذ والأطر التعليمية. لتحقيق ذلك، تعمل الوزارة على إدماج برامج توعوية في المناهج الدراسية، تهدف إلى غرس ثقافة السلامة والمسؤولية المشتركة. كما يتم تنظيم ورشات ودورات تدريبية لفائدة الأطر الإدارية والتربوية لتطوير مهاراتهم في التعامل مع حالات الطوارئ وضمان حماية التلاميذ.

 

إلا أن هذا المشروع أثار تفاعلاً واسعاً في الأوساط التعليمية والاجتماعية. فقد عبر العديد من الخبراء التربويين عن تأييدهم لهذه الخطوة، معتبرين أنها ستسهم في تحسين بيئة التعلم وتقليل التوترات التي قد تعيق التحصيل الدراسي. وفي المقابل، ظهرت مخاوف من بعض الأطراف بشأن إمكانية انتهاك خصوصية التلاميذ والأطر التعليمية، مما يستدعي وضع إطار قانوني واضح يضمن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.

 

تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة إصلاحات تسعى الوزارة إلى تنفيذها لتحسين جودة التعليم في المغرب. فإلى جانب الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن، تعمل الوزارة على تطوير البنية التحتية المدرسية، تحسين المناهج الدراسية، وتوفير الموارد التعليمية اللازمة. ويُعتبر تعزيز الأمن داخل المدارس أحد الجوانب الأساسية التي لا يمكن إغفالها، حيث تؤثر البيئة الآمنة بشكل مباشر على جودة التعليم ومستوى التحصيل الدراسي.

 

مع ذلك، يطرح المشروع تحديات لوجستية ومالية كبيرة. فتركيب الكاميرات وصيانتها يتطلب ميزانية ضخمة، إلى جانب الحاجة إلى تدريب كوادر قادرة على إدارة الأنظمة الأمنية بشكل فعّال. وفي هذا الإطار، دعا العديد من الفاعلين إلى إشراك القطاع الخاص لتخفيف العبء المالي عن الدولة وضمان استدامة المشروع.

 

إن مسألة الأمن المدرسي ليست مجرد إجراء وقائي بل هي ضرورة استراتيجية في ظل التطورات الاجتماعية التي يشهدها المغرب. فالتحديات المتزايدة مثل العنف المدرسي، التنمر، والتخريب، تتطلب حلولاً شاملة تتجاوز حدود المدرسة لتشمل المجتمع بأسره. من هنا، يُعتبر المشروع خطوة إيجابية لكنها تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول كيفية تحقيق توازن بين تعزيز الأمن واحترام حقوق الأفراد.

 

لتحقيق أهداف المشروع بشكل فعّال، يجب على الحكومة تكثيف التواصل مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأسر، الجمعيات، والخبراء التربويين. فالنجاح لا يقتصر فقط على تركيب الكاميرات، بل يتطلب أيضاً تعزيز الوعي، بناء الثقة، وتطوير منظومة تعليمية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد الاجتماعية والثقافية. في نهاية المطاف، يُعتبر هذا المشروع فرصة لإرساء نموذج جديد للأمن المدرسي يُمكن أن يصبح مرجعاً في المستقبل القريب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى