مهندسة مغربية تقاطع احتفال مايكروسوفت في واشنطن وتفضح التواطؤ التكنولوجي مع الإبادة في غزة

Heure du journal

في خطوة نادرة داخل كبرى شركات التكنولوجيا، تحوّلت المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد إلى رمز عالمي للضمير التكنولوجي بعد أن قاطعت، بشجاعة نادرة، احتفال الذكرى الخمسين لتأسيس شركة مايكروسوفت في مدينة ريدموند بولاية واشنطن. وخلال كلمة المدير التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي، مصطفى سليمان، الذي ينحدر من أصول سورية، وقفت ابتهال أمام الحضور ووجهت انتقادات لاذعة للشركة بسبب تزويدها جيش الاحتلال الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي وخدمات Azure التي تُستخدم، بحسب تعبيرها، في ارتكاب مجازر ضد المدنيين في غزة.

ابتهال، خريجة جامعة هارفارد والعاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي بالشركة، اتهمت القيادة العليا في مايكروسوفت بالتواطؤ مع الإبادة، وقالت باللغة الإنجليزية: “يداك ملطختان بالدماء، وأنتم تتربحون من الجريمة. توقفوا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية!”. ردّ مصطفى سليمان كان متلعثمًا ولم يتجاوز عبارة مقتضبة: “أسمع احتجاجك… شكراً لك”، قبل أن يتم إخراج المهندسة من القاعة في مشهد أثار دهشة الحاضرين.

لاحقاً، كتبت ابتهال في رسالة نشرتها على حساباتها أنها كانت تدرك عواقب موقفها، لكنها لم تكن لتغفر لنفسها لو تسبب الكود الذي كتبته في مقتل أطفال. مداخلتها الجريئة لم تكن الوحيدة، إذ أعربت مهندسة هندية وزميلة مغربية أخرى عن تضامنهما معها، ما شكّل نواة لاحتجاج داخلي نادر في مايكروسوفت.

وسرعان ما غزت قصتها منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحولت إلى أيقونة للعدالة والكرامة. وكتب الصحافي محمد واموسي أن ابتهال ليست متزوجة من فلسطيني كما روج البعض، بل هي مغربية أصيلة تنحدر من مدينة العطاوية وسط المغرب. وأضاف: “لا تبرروا مواقف النبل بالنسب والزواج”. أما الإعلامي محمد عبد الصمد فأشاد بتخطيطها الذكي للموقف وتوقيت تدخلها الذي تزامن مع الحضور الإعلامي الكثيف في الحفل.

وشبّه الباحث نور الدين لشهب ابتهال بنساء مغربيات أخريات تركن بصمة عالمية مثل هالة غريط، التي استقالت من الخارجية الأمريكية، ونورة أشهبار، الوزيرة الهولندية ذات الأصول المغربية، التي استقالت من منصبها بسبب مواقف عنصرية ضد مؤيدي فلسطين. وأشاد ناشطون بما وصفوه بالضمير الحي الذي جعل ابتهال تفضّل خسارة منصبها على التورط في ما تعتبره جرائم بحق الإنسانية.

ورغم فقدانها لوظيفتها، وربما صعوبة حصولها على فرصة مماثلة في شركات التكنولوجيا الغربية مستقبلاً، إلا أن كثيرين رأوا في موقفها درسًا في الشجاعة الأخلاقية ونموذجًا يُحتذى. كما ذكرت تقارير أن الشركة أغلقت حساباتها المهنية مباشرة بعد الحادث، ما اعتُبر تأكيدًا غير مباشر على إنهاء علاقتها بها.

وسط كل هذا الزخم، لا تزال قصة المهندسة المغربية تتردد أصداؤها كنداء ضمير عالمي، يضع القيم الإنسانية في مواجهة المصالح التكنولوجية، ويعيد طرح السؤال الجوهري: هل يمكن أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان لا لإبادته؟