
بعد سنوات من التهجير الكبير الذي شهدته العديد من المناطق في إقليم الصخيرات تمارة، لا يزال الواقع العمراني يثير تساؤلات عدة حول مدى تحقيق العدالة المجالية والحقوق الأساسية للساكنة. فقد تم ترحيل آلاف الأسر من دور الصفيح إلى تجمعات سكنية جديدة، إلا أن هذه الأخيرة لم تتمكن من استيعاب الطموحات التي كانت مرجوة. ففي الوقت الذي كنا نأمل أن يشكل هذا التحول فرصة لتحسين ظروف العيش، تبدو هذه الأحياء الجديدة وكأنها مدن بلا روح، تفتقر لأبسط مقومات الحياة العصرية.
الواقع في هذه الأحياء يبرز بوضوح الفراغ العمراني الحاد الذي تعيشه، حيث غابت الحدائق والمساحات الخضراء والمرافق الاجتماعية التي تلبي احتياجات الساكنة. الأمر الذي يخلق حالة من التهميش ويجعل من هذه المدن الجديدة أماكن تعيش فيها الأسر وسط كتل إسمنتية قاحلة. إن انتقال الأسر من دور الصفيح إلى هذه التجمعات السكنية كان يفترض أن يكون فرصة لتحسين وضعهم الاجتماعي والمعيشي، إلا أن الواقع يكشف عن فشل في توفير بيئة حضرية متوازنة.
يطرح هذا الوضع تساؤلات مشروعة حول مآل سياسة المدينة الحديثة ومدى التزام السلطات بتحقيق العدالة المجالية. كيف يمكن الحديث عن تنمية مستدامة وسكن لائق في غياب المرافق الضرورية مثل المدارس، المراكز الصحية، والحدائق؟ وكيف يمكن للساكنة أن تتمتع بحياة كريمة في غياب مساحات للترفيه والتواصل الاجتماعي؟ هذه الأسئلة لا تزال تبحث عن إجابات، في وقت يشكو فيه سكان الصخيرات تمارة من غياب المرافق التي من شأنها تحسين جودة حياتهم اليومية.
إن التحديات التي يواجهها هذا الواقع العمراني تتطلب تدخلًا عاجلًا من السلطات المحلية والمسؤولين في الإقليم. فالإشكال ليس في بناء المنازل فقط، بل في توفير بيئة متكاملة تضمن تلبية احتياجات الساكنة من مرافق اجتماعية وصحية ورياضية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إشراك المجتمع المدني في عملية التخطيط والتنفيذ لهذه المشاريع، لضمان تلبيتها لتطلعات السكان الذين يعانون من الفراغ والتهميش.
يجب أن تكون هذه النداءات بمثابة جرس إنذار للمسؤولين لضرورة التفاعل مع مطالب الساكنة والعمل على تحسين الواقع العمراني في الصخيرات تمارة. فالحق في بيئة صحية ومرافق اجتماعية لائقة هو حق دستوري لا يمكن التهاون فيه. إذا لم يتم تدارك هذا الوضع بشكل عاجل، فإن العواقب ستكون وخيمة على الأجيال القادمة، وقد تساهم في تعميق الفجوة الاجتماعية التي تعاني منها المنطقة.
لا ينبغي أن تظل الوعود حبرا على ورق، بل يجب أن تتحول إلى واقع ملموس في أقرب وقت ممكن، لأن التأخير في تنفيذ هذه المشاريع يعني المزيد من التهميش والتدهور في الظروف المعيشية للسكان.