ساوند إنرجي تؤكد استمرارها في المغرب وتتوقع بدء إنتاج الغاز من تندرارة خلال 2025
Heure du journal
يشهد قطاع الغاز الطبيعي في المغرب تطورات متسارعة في ظل تزايد الاهتمام بالاستثمار في موارد الطاقة المحلية، بهدف تعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية. وتعد شركة ساوند إنرجي البريطانية من أبرز الفاعلين في هذا المجال، حيث تواصل جهودها لاستكشاف وتطوير احتياطات الغاز المكتشفة، رغم التحديات التقنية والمالية التي تواجهها. وأكدت الشركة أن إمكانات الغاز في المغرب تتجاوز 20 تريليون قدم مكعبة، ما يعكس الفرص الواعدة التي يمكن أن تسهم في تلبية الطلب المحلي وربما فتح آفاق التصدير مستقبلاً.
في إطار استراتيجيتها التمويلية، أعلنت ساوند إنرجي في ديسمبر 2024 عن إتمام صفقة بيع جزء من أصولها في المغرب إلى شركة مناجم المغربية، بقيمة تصل إلى 45.2 مليون دولار. وبموجب هذه الصفقة، احتفظت الشركة البريطانية بحصة 20% في امتياز إنتاج حقل تندرارة، إضافة إلى 27.5% في تراخيص الاستكشاف الخاصة بحقل تندرارة الكبير وحقل أنوال. وقد أثارت هذه الصفقة تكهنات حول احتمال انسحاب ساوند إنرجي تدريجياً من السوق المغربية، إلا أن الرئيس التنفيذي للشركة، غراهام ليون، أكد أن هذه الخطوة لا تعني المغادرة، وإنما تأتي في إطار إعادة هيكلة الاستثمارات لضمان استدامة عمليات الشركة في المغرب وتعزيز شراكاتها المحلية.
ورغم هذه التطورات، لم يبدأ الإنتاج من حقل تندرارة حتى الآن، إذ واجه المشروع تأخيرات متعلقة بالمعدات وسلسلة التوريد العالمية، خاصة خلال عامي 2022 و2023، بسبب تداعيات الأزمات الدولية التي أثرت على تصنيع وشحن المعدات الأساسية. إلا أن الشركة أكدت أنها تجاوزت هذه العقبات، وتتوقع أن يبدأ تدفق الغاز خلال عام 2025، مع انطلاق مبيعات الغاز في أواخر الخريف من العام نفسه. وتعمل الشركة، بالتعاون مع مناجم المغربية، على استكمال الأعمال الفنية المطلوبة، حيث يتم حالياً شحن معدات تصنيع الغاز المسال إلى المغرب من الولايات المتحدة، في خطوة تعكس التقدم الملموس نحو دخول المشروع حيز التنفيذ.
وفي سياق البنية التحتية، تخطط ساوند إنرجي لربط مشروع تندرارة بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، وهو ما يعزز فرص تصدير الغاز مستقبلاً في حال وجود فائض عن الاحتياجات المحلية. ويشمل هذا المشروع إنشاء محطة معالجة وخط أنابيب يمتد لمسافة 120 كيلومتراً، مع توقع اتخاذ قرار الاستثمار النهائي في وقت لاحق من عام 2025، على أن يستغرق التنفيذ فترة تتراوح بين 18 و24 شهراً. ويعد هذا المشروع أحد أبرز الخطوات الاستراتيجية التي قد تسهم في تعزيز مكانة المغرب في سوق الطاقة الإقليمي، خاصة في ظل الاهتمام الأوروبي المتزايد بتنويع مصادر إمدادات الغاز.
من ناحية التنقيب، لم تقم ساوند إنرجي بعمليات حفر جديدة في المغرب منذ أكثر من خمس سنوات، لكنها وضعت خططاً لحفر آبار جديدة في حقلي تندرارة الكبير وأنوال خلال عام 2025، بتمويل من شركة مانا إنرجي، التابعة لمجموعة مناجم. ويشكل هذا الاستثمار خطوة مهمة في جهود الشركة لتعزيز احتياطياتها من الغاز في المغرب، كما تعتزم المضي قدماً في عمليات المسح الزلزالي في ترخيص سيدي مختار، تمهيداً لبدء عمليات الحفر مستقبلاً، ما يعكس التزامها بتوسيع نطاق عملياتها في المملكة.
على المستوى الاستراتيجي، تواصل الحكومة المغربية دعم الاستثمار في قطاع الغاز، حيث توفر بيئة عمل جاذبة للمستثمرين، إلى جانب الحوافز المالية التي تقلل من مخاطر الاستكشاف والتنقيب. وعلى الرغم من أن المغرب لم يكتشف بعد حقول غاز ضخمة من الطراز العالمي، فإن البيانات الجيولوجية تشير إلى إمكانات واعدة يمكن أن تسهم في تعزيز إنتاج الغاز المحلي. ويأتي ذلك في إطار استراتيجية المغرب لتنويع مصادر الطاقة، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن بين التوسع في الطاقات المتجددة والاستفادة من الغاز الطبيعي بوصفه وقوداً انتقالياً نحو مستقبل طاقي أكثر استدامة.
وفي سياق متصل، تدرس ساوند إنرجي إمكانية الاستثمار في مشاريع الهيدروجين في المغرب، حيث تجري حالياً دراسة أولية بالتعاون مع شركة جيتك لاستكشاف فرص استخراج الهيدروجين الطبيعي والهيليوم. ورغم أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، فإن المغرب قد يصبح وجهة واعدة للاستثمار في هذا المجال مستقبلاً، خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بتطوير تقنيات الهيدروجين باعتباره أحد الحلول الرئيسية في التحول الطاقي.
بشكل عام، يشهد قطاع الغاز في المغرب ديناميكية متزايدة مدفوعة باستثمارات جديدة ورؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي. ورغم التحديات المرتبطة بالتنفيذ والتأخير في بعض المشاريع، فإن مستقبل القطاع يبدو واعداً، خاصة مع استمرار جهود التنقيب وتطوير البنية التحتية. ومع دخول المشاريع الجديدة حيز التنفيذ، قد يصبح المغرب لاعباً رئيسياً في سوق الغاز الإقليمي خلال السنوات المقبلة، مما يسهم في تعزيز استقلاله الطاقي وتطوير قطاع الطاقة بشكل مستدام.