اعلان
اعلان
مجتمع

ثورة في المسطرة المدنية: تعديلات تاريخية تقلب موازين التقاضي بالمغرب

Heure du journal - خالد وجنا

أنهى مجلس المستشارين مؤخراً دراسة مشروع قانون المسطرة المدنية والتصويت عليه، متضمناً مستجدات مهمة جاءت تتويجاً لاحتجاجات المحامين ودفاعهم المستميت عن حق المواطنين في الولوج إلى العدالة وقضاء فعال. هذه التعديلات جاءت لتزيل العديد من العقبات الإجرائية والمالية التي كانت تحد من حق الأطراف في الدفاع عن مصالحهم، وتعزز من حسن سير المحاكم.

من بين أبرز التغييرات حذف التغريم بالنسبة للدفوع وباقي المقتضيات التي كانت تتضمن الغرامات، وهو ما يعد خطوة مهمة في حماية حق الدفاع. كذلك تم إلغاء مسطرتي القيم والبريد المضمون، مما يسهل عمليات التبليغ. وفي حالة رجوع طي التبليغ بأي ملاحظة، يتم اعتماد العنوان الوارد في البطاقة الوطنية للطرف المراد تبليغه، ويعتبر التبليغ صحيحاً ويترتب عليه كافة الآثار القانونية.

اعلان

وقد أكد القانون على أن الاختصاص النوعي في جميع المحاكم ابتدائياً من النظام العام، مع وجوب البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل يمكن استئنافه بشكل مستقل عن الحكم في الجوهر، مما يعزز وضوح الإجراءات ويساهم في سرعة الفصل في القضايا. كما تم تخفيض مبلغ القضايا التي لا تقبل الاستئناف من 40 ألف درهم إلى 10 آلاف درهم، ومبلغ القضايا التي لا تقبل النقض من 80 ألف درهم إلى 30 ألف درهم، وهو ما يوسع من حق الطعن أمام المحاكم العليا.

كما تم اعتبار مكتب المحامي محلاً للمخابرة، مع قصر تبليغ الأوامر ذات التحملات المالية على الطرف المعني، مع عدم إلزام المحامي بأداء الصوائر إلا إذا تعهد بذلك، إلى جانب إلغاء وجوب سهر المحامي على تبليغ أطراف الدعوى، مما يعزز استقلالية المحامي ويخفف عنه أعباء التبليغ.

وأشار المشروع إلى أنه لا يمكن للمحكمة أن تقضي بعدم القبول إلا بعد إنذار الطرف أو دفاعه لاستكمال سبب عدم القبول، حتى أمام محكمة النقض، مما يضمن احترام حق الدفاع ويمنع القرارات التعسفية. كما نص على عدم تأثير التنازل عن الاستئناف الأصلي على الاستئناف الفرعي، حيث يظل الاستئناف الفرعي مقبولاً في جميع الأحوال، كما تم التنصيص على أحكام الاستئناف المثار وإمكانية وضع المقال الاستئنافي في صندوق أي محكمة.

في مجال التنفيذ، أُعطيت صلاحيات للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بإيقاف التنفيذ المعجل بقوة القانون للأوامر الاستعجالية، ومنحت محكمة النقض إمكانية إيقاف تنفيذ القرارات الاستئنافية القاضية بالإفراغ، بالإضافة إلى إمكانية التصدي للبت في موضوع النزاع إذا وقع الطعن بالنقض مرتين وتوافرت عناصر واقعية ثابتة. كما تم التنصيص على مجانية طلبات إصلاح الأخطاء المادية المتسربة للأحكام القضائية، وعدم استدعاء المسؤول مدنياً في حالة عدم النزاع في ثبوت الضمان.

كما نص القانون على أن استئناف الحكم الفاصل في الموضوع يترتب عليه استئناف جميع الأحكام التمهيدية الصادرة في الدعوى، وأن محكمة الدرجة الثانية تتصدى للحكم في جوهر القضية إذا أُبطلت أو أُلغي الحكم المطعون فيه، حتى لو لم تكن القضية جاهزة. وقد أكدت التعديلات أيضاً على عدم جواز النطق بالأحكام إلا وهي محررة، واعتبار الطعن بالنقض بمثابة تنازل عن الطعن بالتعرض.

تعد هذه التعديلات، كما أورد المحامي الباقوري عبد الرحمان بهيئة الدار البيضاء، خطوة مهمة في تحسين منظومة العدالة وضمان قضاء أكثر إنصافاً وفعالية، وهي نتيجة مباشرة للنضالات المستمرة للمحامين الذين سعوا لإصلاح يحقق حق المواطنين في قضاء نزيه وسريع. وتبقى هناك مستجدات أخرى سيتم تناولها لاحقاً لتعزيز هذا المسار الإصلاحي.

اعلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى