تقرير المندوبية العامة: جرائم المخدرات تتصدر السجون المغربية والأموال في المرتبة الثانية
Heure du Journal – الرباط
كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عن معطيات جديدة تُظهر أن عدد السجناء في المغرب بلغ إلى غاية 30 شتنبر الماضي 95 ألفًا و658 سجينًا. وجاء ذلك ضمن التقرير المقدم إلى جانب الميزانية الفرعية للمندوبية برسم سنة 2026، في وقت يثير فيه الاكتظاظ داخل السجون نقاشًا واسعًا حول السياسة العقابية بالمملكة.
المخدرات في الصدارة بنسبة 28,39 بالمائة
احتلت جرائم الاتجار بالمخدرات واستهلاكها المرتبة الأولى بنسبة 28,39%، أي ما يعادل 27 ألفًا و162 سجينًا.
ويعكس هذا الرقم استمرار انتشار المخدرات رغم المجهودات الأمنية المكثفة في الموانئ والمناطق الحدودية.
ومن جهة أخرى، ترى المندوبية أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب نهجًا متكاملًا يشمل الوقاية والتوعية إلى جانب الزجر الأمني.
جرائم الأموال تليها بنسبة 28,07 بالمائة
في المرتبة الثانية، سجلت جرائم الاعتداء على الأموال نسبة 28,07%، أي حوالي 26 ألفًا و854 سجينًا.
وتشمل هذه الجرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة.
ويربط خبراء علم الاجتماع هذا النوع من الجرائم بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها بعض الشباب، إضافة إلى ضعف التربية المالية والمهنية داخل المجتمع.
الاعتداء على الأشخاص في المرتبة الثالثة
أما جرائم الاعتداء على الأشخاص فقد بلغت 16,52%، أي ما يعادل 15 ألفًا و803 سجناء.
ويشير المراقبون إلى أن معظم هذه القضايا ناتجة عن خلافات أسرية أو نزاعات شخصية.
في المقابل، تدعو الجمعيات الحقوقية إلى توسيع برامج الوساطة والتكوين النفسي للحد من انتشار العنف المجتمعي.
الجرائم الأخلاقية والأمنية في المراتب اللاحقة
سجلت الجرائم المرتبطة بالأمن والنظام العام نسبة 10,67%، أي حوالي 10 آلاف و203 سجناء.
وفي المرتبة الخامسة، جاءت الجرائم المخالفة لنظام الأسرة والأخلاق العامة بنسبة 10,89%، أي ما يقارب 10 آلاف و420 سجينًا.
أما الجرائم الأخرى فتمثل فقط 5,45% من مجموع السجناء، أي حوالي 5216 شخصًا.
وبالموازاة مع ذلك، تؤكد المندوبية أن هذا التوزيع يعكس تنوعًا كبيرًا في طبيعة المخالفات داخل المجتمع المغربي.
ضغط متزايد على المؤسسات السجنية
تشير الإحصاءات إلى أن المؤسسات السجنية تواجه ضغطًا متزايدًا بسبب الاكتظاظ.
وتتوقع المندوبية أن يتجاوز عدد السجناء 104 آلاف خلال سنة 2026 إذا استمر هذا المنحى التصاعدي.
ولهذا السبب، تعمل على توسيع الطاقة الاستيعابية للسجون وبناء مؤسسات جديدة مع تحسين ظروف الإيواء والتأهيل.
وفي الوقت ذاته، تنفذ المندوبية برامج تهدف إلى تعزيز الإدماج المهني والثقافي للمعتقلين استعدادًا لعودتهم إلى المجتمع.
نحو مراجعة السياسة العقابية
من ناحية أخرى، يطالب عدد من الخبراء والحقوقيين بمراجعة السياسة العقابية في المغرب.
ويعتبرون أن بدائل الاعتقال مثل المراقبة الإلكترونية أو العمل للمصلحة العامة قد تسهم في تخفيف الضغط داخل السجون.
إضافة إلى ذلك، يشدد المختصون على أهمية الاستثمار في التعليم والتكوين المهني لمحاربة أسباب الجريمة قبل وقوعها.
رؤية إصلاحية للمستقبل
ترى المندوبية العامة لإدارة السجون أن الإصلاح لا يتحقق بالعقوبة فقط، بل عبر إعادة الإدماج وإعادة التأهيل.
وفي هذا السياق، تعتمد المندوبية استراتيجية تمتد إلى سنة 2026 ترتكز على تأهيل السجناء مهنيًا وثقافيًا، مع التركيز على الوقاية من العود إلى الجريمة.
وأخيرًا، تبقى هذه الأرقام دعوة مفتوحة لإعادة التفكير في مفهوم العدالة الجنائية بالمغرب، بين الردع والإصلاح وإعادة الإدماج.



