
تفشي بوحمرون يثير القلق في المغرب وصمت رسمي يضعف الثقة في تدبير الأزمة
Heure du journal - خالد وجنا
يشهد المغرب منذ أواخر سنة 2023 تفشيًا مثيرًا للقلق لداء الحصبة المعروف محليًا بـ”بوحمرون”، حيث بلغ عدد الإصابات المسجلة منذ أكتوبر الماضي ما يزيد عن 19 ألف حالة، توزعت عبر مختلف جهات المملكة، بعد أن بدأت البؤرة الأولى في جهة سوس ماسة. هذا الوضع الوبائي المتفاقم أودى بحياة 107 أشخاص، غالبيتهم من الأطفال، في وقت تشير فيه التقديرات الرسمية إلى معدل إصابة بلغ 52.2 حالة لكل 100 ألف نسمة. ورغم حدة الوضع، يلاحظ غياب تام للإحصائيات اليومية من طرف وزارة الصحة، ما أثار تساؤلات حول مدى التزام الدولة بمبدأ الشفافية في التعاطي مع الأزمات الصحية.
تفشي بوحمرون بالمغرب يعود، حسب المختصين، إلى تراجع نسب التلقيح الروتيني خلال السنوات الماضية، خاصة في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19، حيث وصلت التغطية الوطنية إلى مستويات مقلقة، جعلت شريحة واسعة من الأطفال عرضة للإصابة. في المقابل، بادرت السلطات الصحية إلى إطلاق خطة وطنية استعجالية تروم رفع معدل التلقيح إلى ما فوق 95%، وتستهدف الأطفال المزدادين بين 2020 و2023 بالأساس، سواء في الوسط الحضري أو القروي. وقد أسفرت هذه الحملة، حتى نهاية دجنبر 2024، عن تلقيح استدراكي لما يقارب 38% من الأطفال، وتعبئة واسعة شملت أزيد من 6 ملايين طفل مغربي في إطار تتبع الحالات ومراقبتها.
ورغم المجهودات المبذولة، لا يزال صمت وزارة الصحة بشأن نشر المعطيات اليومية مثار استياء في الأوساط الطبية والحقوقية، لا سيما في ظل انتشار الشائعات والمعلومات غير الدقيقة. واعتبر عدد من المتتبعين أن غياب التواصل المؤسساتي المنتظم يضعف منسوب الثقة لدى المواطنين، ويزيد من صعوبة التنسيق بين المصالح المعنية لمواجهة الأزمة. ومع تسجيل تراجع في عدد الإصابات للأسبوع الخامس على التوالي، إذ لم تتجاوز 2481 حالة في بداية مارس 2025، تتعزز الآمال في احتواء الوباء، إلا أن المعركة لم تحسم بعد.
في ظل هذه التطورات، تبرز ضرورة مواصلة جهود التلقيح، وتكثيف برامج التوعية، مع إشراك فعال للمجتمع المدني والمهنيين، في وقت يبقى فيه تحسين آليات التواصل الرسمي مسألة ملحة لاستعادة ثقة الرأي العام، وضمان نجاعة التدخلات الوقائية والعلاجية. المغرب أمام اختبار حقيقي في تدبير أزمة بوحمرون، واستخلاص العبر من تداعياتها على المنظومة الصحية والوقائية، في سياق إقليمي ودولي يشهد عودة أمراض كانت تعتبر إلى وقت قريب شبه منقرضة.