
في تطور لافت على صعيد العلاقات الإقليمية والدولية، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقاءً مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم الأربعاء 14 ماي 2025، في العاصمة السعودية الرياض، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك على هامش جولة ترامب في المنطقة قبيل اجتماع قادة دول الخليج.
ووفق بيان صدر عن البيت الأبيض، فإن ترامب دعا الرئيس الشرع إلى الانضمام إلى اتفاقات إبراهام التي أقامتها عدة دول عربية مع إسرائيل عام 2020، مشجعاً إياه على القيام بما وصفه “بعمل عظيم” من أجل الشعب السوري. كما تضمن اللقاء دعوة أميركية لترحيل أعضاء فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في سوريا، والتي لطالما احتضنتها دمشق خلال العقود الماضية، من بينها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية – القيادة العامة.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شارك في اللقاء عبر الإنترنت، في مؤشر على تقاطع المصالح الإقليمية بشأن مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد، الذي أطاحت به هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع في ديسمبر الماضي. ويشغل الأخير حالياً منصب الرئيس الانتقالي لسوريا في سياق تسوية سياسية مدعومة من قوى إقليمية ودولية.
اللقاء الذي دام نحو نصف ساعة، تطرّق أيضاً إلى ملف تنظيم الدولة الإسلامية، حيث حثّ ترامب الشرع على تولي مسؤولية مراكز احتجاز مقاتلي وأسر التنظيم في شمال شرق سوريا، والتي لا تزال تؤرق القوى الغربية رغم تقهقر التنظيم ميدانياً.
ورحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بالاجتماع مع ترامب، وكتب عبر منصة “إكس” مرفقاً صورة للقاء: “نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة”. كما أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً وصفت فيه اللقاء بـ”التاريخي”، دون أن تتطرق إلى مسألة التطبيع مع إسرائيل.
زيارة ترامب إلى الرياض كانت أولى زياراته الخارجية الرسمية في ولايته الرئاسية الثانية، وجاءت بعد يوم واحد من إعلانه رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، في خطوة مفاجئة أثارت ردود فعل متباينة، خاصة في ظل معارضة إسرائيل لهذا القرار. ترامب أوضح خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي أن العقوبات كانت “قاسية وتسببت بشلل”، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لكي “تتألق” سوريا، على حد تعبيره.
رفع العقوبات الأميركية المفاجئ لم يرافقه حتى الآن جدول زمني واضح من وزارة الخزانة الأميركية، بينما لم يصدر أي إعلان رسمي بشأن إمكانية رفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي صفة لا تزال تقيّد بشدة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع الغرب.
اللقاء بين ترامب والشرع يعيد إلى الأذهان محاولة سابقة للرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2000 لدفع حافظ الأسد نحو السلام مع إسرائيل، وهي المحاولة التي لم تكلل بالنجاح. أما اليوم، ومع التغيرات الجذرية التي طرأت على المشهد السوري، يبدو أن مساعي التطبيع تعود إلى الواجهة، لكن في سياق إقليمي أكثر تعقيداً وتحولات دولية لا تزال قيد التشكل.