بداية من فاتح أبريل.. شركة SRM تعوض “ريضال” في جهة الرباط سلا القنيطرة
Heure du journal - خالد وجنا
انطلاقًا من فاتح أبريل المقبل، ستبدأ الشركة الجهوية المتعددة الخدمات (SRM) رسميًا عملها بجهة الرباط سلا القنيطرة لتحل محل شركة “ريضال”، التي كانت تتولى مهمة التدبير المفوض في قطاعات الماء والكهرباء وتطهير السائل بالمنطقة. هذا الانتقال يأتي في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى إصلاح قطاع الخدمات الأساسية وتعزيز كفاءة التسيير، وهو ما يتماشى مع رؤية المغرب لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
شركة SRM ليست جديدة على الساحة الوطنية، حيث سبق أن بدأت نشاطها بجهة الدار البيضاء سطات، واستطاعت تسجيل حضور قوي عبر تقديم خدمات أكثر حداثة. في السياق نفسه، فإن هذا التحول الجديد في جهة الرباط سلا القنيطرة يعد بمثابة اختبار جديد للشركة لإثبات قدرتها على تحمل مسؤولياتها في منطقة تشهد كثافة سكانية مرتفعة وتزايدًا في الطلب على خدمات الماء والكهرباء.
إحدى أبرز الأسباب التي دفعت إلى هذا التغيير هي الشكاوى المتكررة من أداء “ريضال”، حيث اشتكى العديد من المواطنين والمجتمع المدني من جودة الخدمات وانقطاعها المتكرر، إضافة إلى ضعف استثمارات الشركة في تطوير البنية التحتية لمواجهة التحديات المستقبلية. استجابة لهذه المطالب، تعهدت السلطات المحلية بإعادة هيكلة القطاع وتعزيز الشفافية والكفاءة عبر منح الفرصة لشركة SRM.
الانتقال إلى الشركة الجهوية المتعددة الخدمات يحمل في طياته رهانات كبيرة. من بين التحديات التي ستواجهها الشركة القدرة على تحسين الأداء والاستجابة الفورية لانقطاعات الماء والكهرباء، التي تشكل مصدر قلق رئيسي للساكنة. كما يُتوقع أن تعمل على تقوية شبكة التطهير السائل التي تعاني في بعض المناطق من اختلالات تؤثر سلبًا على البيئة والصحة العامة.
من جانب آخر، تراهن الشركة على استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك أنظمة المراقبة الذكية التي تسمح بالكشف المبكر عن الأعطاب وتقليل الهدر في الاستهلاك. وتشكل هذه التكنولوجيا ركيزة أساسية في استراتيجية SRM لتحديث القطاع وتعزيز استدامته على المدى الطويل.
بالإضافة إلى تحسين الخدمات التقنية، تعهدت SRM بإرساء نظام جديد للتواصل مع المواطنين، بحيث يكون أكثر شفافية وسهولة. ومن المتوقع أن يتم اعتماد تطبيقات وخدمات إلكترونية لتبسيط عملية تقديم الشكاوى وتتبعها، وهو ما يُعتبر خطوة مهمة نحو إشراك المواطن في تحسين جودة الخدمات.
رغم كل هذه الطموحات، يظل التساؤل مطروحًا حول مدى قدرة SRM على تنفيذ هذه الوعود في الوقت المحدد. فالجهة تواجه تحديات فريدة، مثل الكثافة السكانية المرتفعة وتزايد المناطق العمرانية الجديدة التي تحتاج إلى ربط بشبكات الماء والكهرباء. علاوة على ذلك، فإن التغيرات المناخية وتراجع الموارد المائية في المغرب يشكلان ضغطًا إضافيًا على الشركة لتبني سياسات فعالة في إدارة الموارد.
المواطنون في جهة الرباط سلا القنيطرة، من جهتهم، ينظرون إلى هذا التحول بعين الحذر والترقب. فبينما يرحبون بالتغيير ويأملون في تحسين الخدمات، يطالبون بضمانات واضحة من الشركة الجهوية المتعددة الخدمات لتفادي الأخطاء التي وقعت فيها “ريضال”. ويرى الكثيرون أن النجاح الحقيقي لهذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على مستوى التنسيق بين الشركة والسلطات المحلية، إضافة إلى إشراك المجتمع المدني في عملية التقييم والتوجيه.
على مستوى أوسع، يعكس هذا التحول جزءًا من رؤية وطنية لإصلاح قطاع التدبير المفوض، وهو قطاع لطالما كان محط جدل وانتقادات بسبب ضعف الأداء في بعض المناطق. تهدف هذه الإصلاحات إلى تحقيق التوازن بين الربحية الاقتصادية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة.
ومع اقتراب موعد بدء عمل SRM في الجهة، يزداد الضغط على الشركة لتكون عند مستوى التطلعات. وبالنظر إلى التحديات التي تنتظرها، فإن النجاح لن يكون سهلًا أو سريعًا، بل سيتطلب استثمارات كبيرة وابتكارًا في الحلول والتزامًا صارمًا بتنفيذ وعودها. يبقى الأمل معقودًا على أن يشكل هذا التغيير بداية لمرحلة جديدة في قطاع الخدمات الأساسية بجهة الرباط سلا القنيطرة، مرحلة تعتمد على الكفاءة والابتكار وتضع مصلحة المواطن في صلب اهتماماتها.