المغرب يعزز شبكة النقل باقتناء 18 قطارًا عالي السرعة من طراز Avelia Horizon استعدادًا لكأس العالم 2030

Heure du journal

في إطار سعي المغرب المستمر لتحديث بنيته التحتية وتطوير قطاع النقل، أعلن عن خطوة هامة تضاف إلى مشروعاته الكبرى، وهي اقتناء 18 قطارًا فائق السرعة من طراز Avelia Horizon من الشركة الفرنسية Alstom. هذا الطراز يعد من أحدث التقنيات في عالم القطارات عالية السرعة، ويتميز بسرعة تصل إلى 320 كيلومترًا في الساعة. ما يلفت الانتباه أن هذا النموذج هو نفسه الذي اختارته شركة السكك الحديدية الفرنسية SNCF، ما يبرز الإرادة القوية للمغرب في تحسين شبكة النقل والربط بين مدنه الكبرى، استعدادًا لأحداث دولية كبرى مثل كأس العالم 2030.

 

تعد هذه الخطوة جزءًا من استثمارات كبيرة أعلن عنها المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) بهدف تحديث شبكة السكك الحديدية في المملكة وتحقيق طفرة في مجال النقل العام. العقد الذي تم توقيعه مع ثلاثة من أكبر شركات صناعة القطارات في العالم: Alstom، CAF، وHyundai Rotem، يشمل شراء 168 قطارًا حديثًا، منها 18 قطارًا من طراز Avelia Horizon. هذا النوع من القطارات يتمتع بخصائص تقنية متقدمة، أبرزها تصميمه الفريد الذي يجعله القطار الوحيد في العالم الذي يعمل على مستويين، ما يتيح استيعاب عدد أكبر من الركاب في وقت واحد، بالإضافة إلى تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 30% مقارنة بالقطارات القديمة.

 

من خلال هذا المشروع الطموح، يسعى المغرب إلى تعزيز التنقل بين المدن الكبرى وتقليل الوقت اللازم للرحلات الطويلة، وهو ما يتماشى مع خطط الدولة لتحسين البنية التحتية تزامنًا مع استضافة كأس العالم 2030، حيث يُتوقع أن يشهد البلد تزايدًا كبيرًا في حركة التنقل بين المدن التي ستستضيف المباريات. هذا التحديث في شبكة السكك الحديدية يعد خطوة استراتيجية لضمان توفير وسيلة نقل حديثة وسريعة لضيوف المغرب من مختلف أنحاء العالم.

 

تتضمن الخطط المستقبلية توسيع شبكة القطارات عالية السرعة لتشمل مزيدًا من المدن المغربية، ما سيسهم في تقليل المسافات بين المدن الكبرى ويعزز التبادل الاقتصادي والاجتماعي. القطارات الجديدة ستربط بين العديد من المدن الحيوية في المملكة، ما يساهم في تعزيز الحركة السياحية والاقتصادية، ويمنح الفرصة للمواطنين والسياح للاستفادة من وسائل النقل الحديثة والفعالة.

 

القطارات من طراز Avelia Horizon تقدم مميزات متعددة تساهم في تحسين تجربة السفر، إذ تتميز بتصميم عصري يضمن راحة الركاب، بالإضافة إلى تكنولوجيا متقدمة في مجال الأمان والبيئة. تمتاز القطارات بقدرتها على تقليص استهلاك الطاقة، مما يجعلها صديقة للبيئة، وهو ما يتماشى مع استراتيجية المملكة في التقليل من بصمتها الكربونية ودعم التنمية المستدامة. يُعتبر هذا التوجه جزءًا من التزام المغرب بتحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى الطاقة والبيئة.

 

شركة Alstom، التي تُعد واحدة من الشركات الرائدة في صناعة القطارات، ليست جديدة على السوق المغربي. فالشركة الفرنسية التي تملك مصنعًا في مدينة فاس، كانت قد أسهمت بشكل كبير في تطوير شبكة السكك الحديدية في المغرب. حيث قامت بتزويد المملكة بقطارات Avelia Euroduplex التي تعمل على خط “البراق” بين طنجة والدار البيضاء، بالإضافة إلى ترامواي Citadis الذي يربط بين مدينتي الرباط والدار البيضاء. المصنع في فاس يُعد من المرافق الحيوية في استراتيجية Alstom، حيث يتم تصنيع العديد من المكونات الكهربائية التي تُستخدم في القطارات الموجهة للأسواق العالمية.

 

يتجاوز دور شركة Alstom في هذا المشروع مجرد التوريد والتصنيع، بل يمتد إلى توفير الخبرة والتكنولوجيا المتطورة التي تساهم في تطوير قطاع النقل الحديدي في المغرب. يشهد التعاون بين Alstom والمغرب شراكة استراتيجية ذات أبعاد صناعية وتجارية، وهو ما يعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. مع تزايد الطلب على القطارات الحديثة ووسائل النقل العامة، يُتوقع أن تلعب هذه الشراكة دورًا أكبر في المستقبل.

 

من جهة أخرى، يمثل المشروع ضربة قوية نحو تعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي للنقل الحديث في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. ليس فقط في قطاع السكك الحديدية، بل أيضًا في قطاع الصناعة الثقيلة المرتبط بهذا المجال، حيث يفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات في صناعة القطارات وتطوير البنية التحتية للنقل.

 

في الختام، تعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أشمل تهدف إلى تحويل المغرب إلى نموذج حديث في مجال النقل، حيث تسعى الدولة إلى رفع مستوى جودة الحياة للمواطنين، وتحقيق طفرة في البنية التحتية تواكب متطلبات العصر. من خلال هذه الاستثمارات، يظهر المغرب التزامًا واضحًا بتطوير قطاع النقل العام، وهو ما سيسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز مكانة البلاد على المستوى الإقليمي والدولي.