الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف تستنكر قرار حرمان صحفيي القطب العمومي من بطاقات القطار وتطرح تساؤلات حول خلفياته
Heure du journal
قرار اللجنة المؤقتة القاضي بحرمان صحفيي وصحفيات القطب العمومي من بطاقات القطار أثار موجة من الجدل داخل الأوساط الإعلامية والمهنيّة، حيث اعتبر العديد من الفاعلين في القطاع أن هذا الإجراء يأتي في توقيت غير مناسب ويطرح العديد من التساؤلات حول خلفياته وأهدافه. القرار الذي تم اتخاذه بعد سنوات من العمل بنظام كان يسمح للصحفيين العاملين في الإعلام العمومي بالاستفادة من هذه الخدمة الحيوية، يعكس حالة من التناقض والارتباك في تدبير شؤون الصحافة والإعلام في المغرب. وقد عبرت الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني عن استغرابها واستنكارها لهذا القرار، مؤكدة أنه يمثل استمرارًا للقرارات المرتجلة التي تضر بمصالح الصحفيين والمهن الإعلامية بشكل عام.
النقاش حول هذا القرار جاء في سياق معقد يعاني فيه قطاع الصحافة من تشرذم واضح في التنظيم الذاتي، وهو ما يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول جدوى القرارات التي يتم اتخاذها في هذا الصدد. تاريخيًا، كان نظام بطاقات القطار يتيح للصحفيين الاستفادة من امتيازات تسهل عليهم التنقل خلال أداء مهامهم المهنية، خاصة بالنسبة للصحفيين العاملين في القنوات العمومية ووكالة المغرب العربي للأنباء، الذين يعتمدون بشكل كبير على التنقل بين المدن لتغطية الأحداث المختلفة. هذا الامتياز، الذي ظل قائمًا لعقود من الزمن، أُلغي فجأة، مما أثار حفيظة العديد من الصحفيين الذين رأوا فيه قرارًا غير مبرر وغير مدروس.
إحدى النقاط التي تثير الاستغراب هي توقيت هذا القرار، الذي جاء بعد مرور أكثر من ست سنوات من تولي نفس الشخص المسؤولية في تدبير شؤون الصحافة، سواء في منصبه السابق كرئيس للمجلس الوطني للصحافة أو في موقعه الحالي على رأس اللجنة المؤقتة. خلال هذه الفترة، لم تُتخذ أي خطوة جادة لإصلاح نظام بطاقات القطار أو لفتح نقاش مهني حول كيفية توزيع هذه الامتيازات بشكل عادل وشفاف. بل على العكس، كان يُنتقد باستمرار النظام السابق الذي كان يطبع توزيعه بالزبونية والمحسوبية، ما يجعل القرار الأخير يبدو كإجراء مفاجئ غير مبرر.
وتساءل العديد من المهنيين عن سبب اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت بالذات، في وقت كان من المتوقع أن يتم العمل على تحسين النظام وتطويره بما يتماشى مع تطورات القطاع. بعض الأصوات داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية انتقدت القرار بشدة، معتبرة أنه جاء في إطار تصفية حسابات داخلية أو ربما في سياق الاستعدادات لانتخابات المجلس الوطني للصحافة التي قد تجري قريبًا. فقد سبق لبعض القياديين في النقابة أن أبدوا انتقادات حادة لسياسة رئيس اللجنة المؤقتة في تدبير قطاع الصحافة، وهو ما يعزز فرضية وجود صراع داخلي قد يكون له تأثيرات سلبية على حقوق الصحفيين.
من ناحية أخرى، تطرح الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني تساؤلات حول القانونية والتنظيمية لهذا القرار، معتبرة أنه يُشكل اختلالًا واضحًا في عمل اللجنة المؤقتة التي لم تُظهر أي خطة واضحة لتنفيذ أهداف مرسوم القانون رقم 15.23 الذي يُنظم شؤون قطاع الصحافة والنشر. فبدلاً من العمل على إجراء انتخابات مهنية في موعدها، مثلما كان مُخططًا له، يبدو أن اللجنة المؤقتة قد انشغلت بإصدار قرارات منفردة تثير الشكوك حول دوافعها وأهدافها الحقيقية.
القرار المتعلق بحرمان الصحفيين من بطاقات القطار أثار أيضًا تساؤلات بشأن تدبير المال العام، حيث تبلغ تكلفة بطاقة القطار الواحدة 12 ألف درهم سنويًا، وهو ما يجعل المبلغ الإجمالي المخصص لهذا الامتياز يصل إلى حوالي 9 ملايين درهم سنويًا. وهو مبلغ يمكن ترشيده بشكل أفضل إذا تم إدخال تغييرات في كيفية استخدام هذه البطاقة. فعدد قليل من الصحفيين قد يحتاجون فعلاً لاستخدام القطار بشكل متكرر، بينما قد تكون الفائدة من هذه البطاقة أقل للكثير من الصحفيين الذين لا يقومون بالكثير من الرحلات. في هذا الصدد، اقترحت الكونفدرالية المغربية لنشري الصحف والإعلام الإلكتروني أن يتم تحديد عدد الرحلات التي يمكن للصحفي الاستفادة منها، من خلال إصدار بطاقات قابلة للاستخدام وفقًا لعدد الرحلات الفعلي. هذه الفكرة يمكن أن تساعد في توفير المال العام، وتوسيع دائرة المستفيدين من البطاقة لتشمل فئات أخرى من الصحفيين، خصوصًا في القنوات العمومية التي تعاني من نقص في الامتيازات الممنوحة للصحفيين.
وفي سياق هذا الجدل، تدعو الكونفدرالية المغربية الدولة إلى أخذ الحيطة والحذر من بعض الأشخاص الذين قد يستغلون موقعهم في تسيير القطاع لخدمة مصالحهم الشخصية. فإذا كانت المسألة تتعلق بإصلاحات حقيقية في القطاع، فإن النقاش المهني يجب أن يُفتح بشكل شفاف مع كافة الأطراف المعنية، بما فيها النقابات والمقاولات الإعلامية والصحفيين أنفسهم.
وفي ختام البيان، أكدت الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني أنها ستظل في طليعة الهيئات المهنية التي تقاوم تدهور مهنة الصحافة وتتصدى لكل القرارات الانفرادية التي تضر بمصلحة الصحفيين. وستستمر في العمل على تطوير المهنة وتحقيق إعلام مهني وجاد، يساهم في خدمة المصلحة العامة ويسهم في تعزيز الشفافية والعدالة في قطاع الصحافة في المغرب.