السعودية تؤكد: لا تطبيع مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية
Heure du journal
المملكة العربية السعودية أكدت مجددًا موقفها الثابت والمبدئي من القضية الفلسطينية، مشددة على أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ليس مجرد خيار سياسي، بل هو حق مشروع للشعب الفلسطيني ومبدأ راسخ لا يقبل التفاوض أو المساومة. جاء هذا التأكيد في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية السعودية، ردًا على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تحدث فيها عن إمكانية تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل دون اشتراط قيام دولة فلسطيني.
البيان شدد بشكل قاطع على أن المملكة لن تقيم أي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا بعد تحقيق السلام العادل والشامل الذي يتضمن الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. كما أوضح البيان أن هذا الموقف ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لسياسة المملكة الداعمة للقضية الفلسطينية منذ عقود طويلة، وهو موقف ثابت لم يتغير رغم كل الضغوط والتطورات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة.
في سياق متصل، أكدت المملكة رفضها القاطع لأي إجراءات إسرائيلية تهدف إلى تقويض حقوق الفلسطينيين، سواء عبر سياسات الاستيطان المستمرة، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير السكان من أرضهم. كما شددت على أن أي محاولات لفرض واقع جديد على الأرض لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد والتوتر، مما يعقد فرص تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.
البيان السعودي جاء ليضع حدًا لأي تأويلات خاطئة أو محاولات لتفسير الموقف السعودي بشكل مغاير للحقيقة. فقد أوضح البيان أن كلمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمام مجلس الوزراء، والتي أكد فيها على ثبات الموقف السعودي، لا تحتمل أي تأويل أو تفسير غير واضح. فالمملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، لا تزال تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها السياسية، ولن تتراجع عن دعمها للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة.
الموقف السعودي يعكس التزامًا واضحًا بالمبادرة العربية للسلام، التي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002، والتي تنص على أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون ممكنًا إلا بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة. وهو موقف يحظى بدعم عربي وإسلامي واسع، حيث لا تزال غالبية الدول العربية متمسكة بمبدأ “الأرض مقابل السلام” كإطار وحيد لتحقيق تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
المملكة لم تكتفِ فقط بتأكيد موقفها الثابت، بل دعت أيضًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية، والضغط على إسرائيل لاحترام قرارات الشرعية الدولية، والتوقف عن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الفلسطينيين. كما شددت على أن تحقيق السلام الدائم والعادل في المنطقة لا يمكن أن يتم دون ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
هذا التأكيد السعودي يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإعادة تشكيل الخارطة السياسية في الشرق الأوسط، حيث تحاول بعض القوى فرض معادلات جديدة قد تتجاهل المطالب الفلسطينية. غير أن المملكة أوضحت بشكل جلي أنها لن تنخرط في أي ترتيبات لا تضمن أولًا وأخيرًا حقوق الفلسطينيين، ولن تكون جزءًا من أي اتفاق لا يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني.
الموقف السعودي هو رسالة واضحة ليس فقط للأطراف المعنية بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل أيضًا للمجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك الإدارة الأمريكية. فالمملكة، كما جاء في البيان، أوضحت للإدارة الأمريكية الحالية، وكذلك للإدارات السابقة، أن موقفها من القضية الفلسطينية غير قابل للتغيير، وأن أي حلول لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية لن تكون قابلة للتطبيق أو القبول.
في ظل هذه التطورات، يبقى الموقف السعودي نموذجًا للدعم العربي المستمر للقضية الفلسطينية، ورسالة واضحة بأن حقوق الفلسطينيين ليست محل مساومة أو مقايضة. وهو ما يؤكد أن المملكة ستظل، كما كانت دائمًا، داعمًا أساسيًا للشعب الفلسطيني حتى تحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال.