
الحرب في أوكرانيا تربك خطط المغرب لاستيراد القمح وتعيد النقاش حول الاكتفاء الذاتي
Heure du journal
تتابع الأوساط المهنية المغربية بقلق مستمر تطورات الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، لما له من تأثير مباشر على الأسواق العالمية، خصوصاً في ما يتعلق بواردات الحبوب. يأتي هذا القلق في وقت كانت فيه الآمال معلقة على جهود الوساطة الدولية، وخاصة الأمريكية، للتوصل إلى تسوية تنهي الحرب التي دخلت عامها الرابع دون مؤشرات جدية على الانفراج.
رغم الأوضاع المتوترة، يؤكد المهنيون المغاربة أن عمليات الاستيراد تعرف حالياً نوعاً من الاستقرار، حيث يُرتقب أن يغطي المخزون الحالي حاجيات البلاد إلى غاية يناير المقبل. هذا الاستقرار النسبي تحقق بفضل سياسة تنويع مصادر التوريد، حيث يتم التركيز على الأسواق الأوروبية والأمريكية، مع استمرار الحصاد في كندا، التي تبقى أحد المزودين الرئيسيين للقمح.
عبد القادر العلوي، رئيس جامعة المطاحن بالمغرب، أوضح أن هناك تتبّعاً دائماً لما يجري على الساحة الدولية، في ظل تصاعد الأعمال الحربية، خصوصاً بعد العمليات العسكرية الأوكرانية داخل العمق الروسي، والتي أربكت مجريات المفاوضات السابقة التي كانت تُعقد في تركيا. وأضاف أن المغرب لا يستورد حالياً أي شحنات من أوكرانيا نظراً لتوقف صادراتها في ظل تصعيد النزاع، فيما تتركز وارداته من روسيا على مناطق بعيدة عن نطاق الاشتباكات المباشرة.
ويبدو أن تراجع الطلب الصيني على القمح خلال هذا الصيف أتاح للمغرب هامشاً للتحرك بشكل أكثر مرونة في السوق الأوروبية. ويعمل الفاعلون المغاربة على تأمين حاجيات السوق الوطنية في ظل تحديات متزايدة على مستوى الأسعار والتوفر، بسبب عدم استقرار الأوضاع الجيوسياسية.
تجدر الإشارة إلى أن الأمن الغذائي في المغرب، خاصة ما يتعلق بالحبوب، يبقى مرهوناً بتقلبات الأسواق العالمية، ويطرح باستمرار إشكالية الاعتماد على الاستيراد كمصدر رئيسي لتلبية الطلب الداخلي. هذا الوضع يعيد إلى الواجهة دعوات عدد من الفاعلين والخبراء إلى وضع استراتيجية وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية، عبر تعزيز الإنتاج المحلي وتوفير ظروف ملائمة للفلاحين الصغار، الذين يواجهون صعوبات اقتصادية وهيكلية تجعل من زراعة الحبوب نشاطاً غير مربح في العديد من المناطق.
في ظل هذه المعطيات، تتعاظم الحاجة إلى سياسات فلاحية أكثر شمولية وواقعية، تستند إلى دعم مباشر للإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمار في سلاسل القيمة الفلاحية، حتى لا يبقى الأمن الغذائي رهين الأزمات الدولية وتحولات الأسواق الخارجية.