
المغرب وباكستان على مشارف توقيع اتفاقية دفاعية شاملة تشمل التصنيع والتدريب والاستثمار العسكري
Heure du journal
تشهد العلاقات المغربية الباكستانية تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث يوشك البلدان على توقيع اتفاقية دفاعية جديدة تُعد من أبرز الخطوات في مسار تعاونهما الثنائي. وبحسب مصادر دبلوماسية باكستانية رفيعة، فإن الاتفاقية المنتظرة تشمل مجالات متعددة، من ضمنها التصنيع العسكري المشترك، وتبادل الخبرات، والتدريب بين القوات المسلحة، إلى جانب الاستثمار في البنية الصناعية الدفاعية للمملكة المغربية. هذه الخطوة تأتي في سياق تحركات استراتيجية تهدف إلى ترسيخ شراكة متقدمة تتجاوز الطابع الدبلوماسي التقليدي.
المحادثات الجارية بين كبار المسؤولين العسكريين من الجانبين، والتي وصلت إلى مراحل متقدمة، تركز على إدماج شركات باكستانية رائدة في الصناعات الدفاعية ضمن المنظومة الصناعية المغربية. ويتوقع أن تفضي هذه الدينامية إلى إرساء وحدات إنتاج ميداني داخل المغرب، ما سيُتيح له تطوير معدات وتجهيزات دفاعية محلياً، ويمنحه دوراً إقليمياً متقدماً كمركز صناعي عسكري ناشئ في القارة الإفريقية.
الاهتمام الباكستاني بهذا التعاون نابع من إدراك واضح للدينامية المغربية المتسارعة في تعزيز قدراتها الدفاعية، سواء على مستوى التشريع أو من خلال الانفتاح على الشراكات الدولية. وقد أشار مصدر دبلوماسي إلى أن المغرب نجح خلال السنوات الأخيرة في بلورة تصور متكامل لسيادته الصناعية في القطاع الدفاعي، ما جعله محط اهتمام فاعلين صناعيين كبار من آسيا وأوروبا وأمريكا. وتُعزى هذه الجاذبية إلى المزج بين رؤية واضحة وطموح واقعي يميز المقاربة المغربية في بناء صناعاتها السيادية.
الاتفاقية الجديدة تُعتبر امتداداً طبيعياً لتوجه الرباط نحو تنويع شركائها الاستراتيجيين في المجال الدفاعي، بعيداً عن الاعتماد التقليدي على مزودي السلاح الغربيين. وتكتسي هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية والتعقيدات التي باتت تميز سوق السلاح العالمي، ما يدفع المغرب إلى البحث عن شركاء قادرين على ضمان نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة.
في هذا السياق، تُعد باكستان شريكاً واعداً بالنظر إلى ما راكمته من خبرة وقدرات في الصناعات الدفاعية. فهي تُعد من الدول المتقدمة في إنتاج الطائرات بدون طيار، والمدرعات، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كما طورت أنظمة صاروخية متقدمة، وبعضها استراتيجي قادر على حمل رؤوس نووية. أبرز تجليات هذا التقدم يتجسد في تصنيع الطائرة المقاتلة متعددة المهام JF-17 Thunder، التي أنتجتها بالشراكة مع الصين وتواصل تطويرها بشكل مستقل.
وتتوفر باكستان على منظومة صناعية عسكرية متكاملة تضم مؤسسات كبرى مثل هيئة الإنتاج الدفاعي، ومجمع الصناعات الثقيلة تاكسيلا، ومجمع الطيران والفضاء الباكستاني، وهي مؤسسات تلعب دوراً محورياً في تطوير وتصدير الأسلحة والأنظمة الدفاعية. وللمغرب، الذي يسعى لبناء قاعدة صناعية دفاعية حديثة، فإن الدخول في شراكة مع هذا النموذج الصناعي يوفر له إمكانيات واعدة في التكوين، ونقل التكنولوجيا، وتوسيع دائرة التأثير في القارة الإفريقية.
من منظور استراتيجي، لا ينظر المغرب إلى هذه الاتفاقية باعتبارها صفقة سلاح عابرة، بل كجزء من مشروع أكبر يستهدف تمكينه من التحكم في حلقات الإنتاج الصناعي الدفاعي، وتطوير منظومة ذاتية تعتمد على الكفاءة الوطنية. وفي ظل هذا التصور، فإن التعاون مع باكستان يشكل فرصة لنقل تجربة متقدمة في مجال السيادة الصناعية، مدعومة بقدرة على التأقلم مع التحديات الأمنية والسياسية المعاصرة.