
إسرائيل تمنع دخول النائبة الأوروبية ريمة حسن بسبب مواقفها الداعمة للفلسطينيين
رفضت السلطات الإسرائيلية دخول النائبة الأوروبية ريمة حسن إلى أراضيها، بعد وصولها إلى مطار بن غوريون في تل أبيب قادمة من بروكسل، حيث كان من المقرر أن تزور إسرائيل والضفة الغربية برفقة بعض من مساعديها. قرار المنع صدر عن وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل، الذي استند إلى مواقفها السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية وتصريحاتها المثيرة للجدل حول المقاومة الفلسطينية.
ريمة حسن، وهي نائبة عن حزب “فرنسا الأبية” في البرلمان الأوروبي، عرفت بمواقفها الصريحة في انتقاد السياسات الإسرائيلية ودعمها المعلن للقضية الفلسطينية. خلال الأشهر الماضية، تصاعد الجدل حولها بعد تصريحاتها التي وصفت فيها هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر بأنه “عمل مشروع”، ما أدى إلى استدعائها من قبل السلطات الفرنسية للتحقيق معها بتهمة “تمجيد الإرهاب”. كما سبق لها أن دافعت عن حق الفلسطينيين في المقاومة المسلحة، معتبرة أن هذا الحق مكفول بموجب قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
قرار منع دخولها قوبل بترحيب من قبل بعض السياسيين الإسرائيليين، حيث سارع النائب الإسرائيلي عن حزب الليكود، بواز بيسموث، إلى الإعلان عن القرار عبر منصة “إكس”، مستهزئًا بها ومؤكدًا أن إسرائيل لن تسمح لمن وصفها بـ”المعادية للسامية” بدخول أراضيها. كما عبر ميير حبيب، النائب السابق في البرلمان الفرنسي المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، عن ارتياحه لمنعها من الدخول، معتبرًا أن “لا مكان لمعاداة السامية في إسرائيل”.
بالمقابل، أثار هذا القرار جدلًا في الأوساط السياسية الفرنسية والأوروبية، حيث اعتبره البعض استهدافًا لحرية التعبير ومحاولة لإقصاء الأصوات المنتقدة لسياسات إسرائيل. وطرح منع دخول نائبة منتخبة في البرلمان الأوروبي إلى دولة تجمعها علاقات دبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي تساؤلات حول مدى احترام إسرائيل للمعايير الدبلوماسية والعلاقات الثنائية مع أوروبا.
يأتي هذا القرار في سياق أوسع من التوترات السياسية بين إسرائيل وبعض الأطراف الأوروبية، خصوصًا مع تزايد الانتقادات الدولية للحرب المستمرة في غزة والتعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية. خلال الأشهر الماضية، شهدت الساحة السياسية الأوروبية انقسامًا واضحًا بشأن الموقف من الحرب، حيث دافعت بعض الحكومات عن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، بينما صعدت بعض الأصوات، مثل ريمة حسن، من انتقاداتها، معتبرة أن إسرائيل ترتكب “جرائم حرب” ضد الفلسطينيين.
يضاف إلى ذلك أن قضية ازدواجية المعايير في التعامل مع المواطنين من أصول فلسطينية أصبحت محل جدل متزايد، حيث سبق أن أثارت حسن مسألة السماح للمواطنين الفرنسيين من أصول إسرائيلية بالخدمة في الجيش الإسرائيلي دون مساءلة قانونية، بينما يُمنع الفرنسيون من أصول فلسطينية من دعم المقاومة الفلسطينية. تصريحاتها في هذا السياق أثارت موجة من الجدل، وجعلتها عرضة لهجمات إعلامية وسياسية في فرنسا وإسرائيل على حد سواء.
في ظل هذه التطورات، لم يصدر بعد أي رد فعل رسمي من قبل الاتحاد الأوروبي حول منع دخول نائبة منتخبة إلى إسرائيل، لكن من المتوقع أن يثير الأمر نقاشًا داخل المؤسسات الأوروبية، خاصة مع تنامي الجدل حول السياسات الإسرائيلية تجاه الشخصيات الأوروبية المنتقدة لها.
الواقعة تكشف عن مدى تعقيد العلاقات بين إسرائيل وأوروبا، حيث تسعى تل أبيب إلى فرض قيود على الشخصيات السياسية التي تعارض سياساتها، فيما تواجه أوروبا تحدي التوازن بين دعم إسرائيل كحليف استراتيجي واحترام حرية التعبير وحقوق ممثليها المنتخبين. في الوقت ذاته، يعكس هذا القرار الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه أي شخصية تعبر عن دعمها العلني للفلسطينيين، خاصة في ظل الحرب الدائرة في غزة والضغوط الدولية المتزايدة لوقفها.
يبقى السؤال المطروح حول ما إذا كان هذا المنع سيؤدي إلى توترات دبلوماسية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، أم أنه سيمر دون تداعيات كبيرة في ظل انشغال أوروبا بقضايا أخرى. لكن من المؤكد أن القضية ستظل محط اهتمام إعلامي وسياسي، خاصة مع اقتراب جلسات البرلمان الأوروبي التي قد تشهد نقاشًا حول الحادثة وانعكاساتها على العلاقات مع إسرائيل.