اعلان
اعلان
مجتمع

إدارة CNSS تتراجع عن إلزامية تقنية NFC

Heure du journal

في خطوة غير متوقعة، لكنها لاقت ترحيبًا واسعًا، أعلنت إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) عن تراجعها. لقد قررت المؤسسة التخلي عن فرض تقنية الاتصال قريب المدى (NFC) كشرط أساسي. هذا الشرط كان ملزمًا للولوج إلى خدمات تطبيقها الرقمي الرسمي “MaCNSS“. ويأتي هذا القرار عقب موجة من التذمر والشكاوى المتزايدة. حيث اعتبر عدد كبير من المواطنين هذا الشرط مجحفًا. خاصة أن العديد من هواتفهم المحمولة لا تتوفر على خاصية NFC. هذا الأمر حرمهم من الاستفادة من خدمات حيوية تقدمها المؤسسة.

اعلان

“هويتي الرقمية”: تحديث واجه تحديات واقعية

جدير بالذكر، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كان قد اعتمد سابقًا على تقنية “هويتي الرقمية“. هذه التقنية تهدف إلى ربط البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية بالهاتف الذكي. تم ذلك عن طريق خاصية الاتصال قريب المدى. تبرير هذا التوجه جاء بضرورة تعزيز الأمان الرقمي. كما هدف إلى ضمان مصداقية المصادقة الإلكترونية. هذا يندرج ضمن سياق رقمنة الإدارة العمومية، وهو توجه استراتيجي يتماشى مع توجيهات الدولة المغربية حول التحول الرقمي.

غير أن هذه الخطوة، التي بدت تحديثًا محمودًا، سرعان ما كشفت عن محدوديتها على أرض الواقع. فقد اشتكى مستخدمون كثر من صعوبات تقنية. هذه الصعوبات حدثت أثناء محاولتهم تفعيل التطبيق. بعضها ارتبط بعدم توافق أجهزتهم مع تقنية NFC. البعض الآخر شمل أعطالًا متكررة في الاتصال بخوادم المصادقة. هذه المشاكل تسببت في بطء كبير بالخدمة أو توقفها المتقطع. علاوة على ذلك، واجه مواطنون من ذوي الدخل المحدود أو سكان المناطق القروية صعوبات مضاعفة. هذا بسبب عدم امتلاكهم هواتف ذكية متطورة تدعم هذه الخاصية.

مرونة جديدة بفضل الاستماع لشكاوى المواطنين

بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعالي أصوات المتضررين، وجدت إدارة الصندوق نفسها أمام حتمية المراجعة. لهذا السبب، قررت تبني خيار أكثر مرونة وإنصافًا. تتمثل هذه الآلية الجديدة في السماح للمستخدمين بالولوج إلى التطبيق. وذلك عبر إرسال رموز تحقق مؤقتة إلى أرقام هواتفهم المحمولة أو عبر بريدهم الإلكتروني. هذه الخطوة، وإن بدت تقنية بحتة، تحمل أبعادًا اجتماعية مهمة. هي تفتح الباب أمام آلاف المواطنين. سيمكنهم الولوج إلى خدمات الضمان الاجتماعي دون الحاجة لأجهزة باهظة أو خصائص تكنولوجية متقدمة

استراتيجية شاملة لتحسين تجربة المستخدم

من جهة أخرى، أفادت مصادر مسؤولة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن هذا القرار يندرج ضمن استراتيجية أوسع. هذه الاستراتيجية تهدف لتحسين تجربة المستخدم. كما تضمن المساواة في الولوج للخدمات العمومية الرقمية. وأوضحت المصادر نفسها أن المرحلة المقبلة ستشهد إدماج خيارات مصادقة متعددة. هذه الخيارات ستناسب جميع الفئات. بما في ذلك من لا يتوفرون على تغطية إنترنت قوية. أو أولئك الذين يواجهون صعوبات في التعامل مع التطبيقات المعقدة. كما تم التأكيد على أن التحديث الجديد للتطبيق سيطلق تدريجيًا خلال الأسابيع المقبلة. وذلك مع توفير دعم تقني وتواصلي لمواكبة الانتقال السلس.

الرقمنة: البعد الإنساني أساس النجاح المؤسساتي

من الواضح أن هذه الخطوة تعكس نضجًا مؤسساتيًا متزايدًا. كما تظهر فهمًا عميقًا لأهمية التفاعل الإيجابي مع انتقادات المواطنين. التعامل المرن مع الواقع الاجتماعي والتقني، والقدرة على التراجع عن قرارات غير ملائمة، هي مؤشرات واضحة لتطور عمل المؤسسات العمومية. هذا يؤكد تحولها من منطق الفرض الإداري إلى منطق الاستماع والتكيف.

ولعل أبرز ما يمكن استنتاجه من هذه التجربة هو أن الرقمنة، رغم ضرورتها، لا تنجح بمعزل عن البعد الإنساني والاجتماعي. ليس كل المواطنين يملكون الوسائل التقنية نفسها. وليس كلهم على نفس الدرجة من الإلمام بالمستجدات التكنولوجية. لذا، ضمان نجاعة الرقمنة يمر عبر إشراك المواطنين في بلورة الحلول. كما يتطلب مراعاة الفوارق الاجتماعية، وتبني أنظمة مرنة تناسب الجميع.

في السياق ذاته، يُنصح المستخدمون بضرورة تحديث تطبيق MaCNSS على هواتفهم الذكية فور توفر النسخة الجديدة. يجب أيضًا التأكد من تحديث أرقام هواتفهم وبريدهم الإلكتروني ضمن الملف الشخصي. هذا لضمان استلام رموز التحقق دون تأخير. ويمكن لمن يواجه صعوبات أو يحتاج دعمًا التوجه لأقرب مركز للصندوق، أو الاتصال بخدمة الزبناء.

في الختام، هذه الخطوة التصحيحية من إدارة CNSS تمثل نموذجًا يحتذى به في تدبير الخدمات العمومية. هي تضع المواطن في صلب العملية. كما تؤكد أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لإنجاح التحول الرقمي. بل يجب تبني مقاربات شاملة تراعي العدالة الرقمية. يجب أن تقدم بدائل عملية قابلة للتنفيذ. ما قامت به CNSS اليوم يفتح الأبواب أمام مؤسسات عمومية أخرى لتقييم سياساتها الرقمية. وذلك لضمان أن الرقمنة لا تصبح حكرًا على فئة دون أخرى، بل وسيلة حقيقية لتحقيق الإدماج الاجتماعي والعدالة في الولوج إلى الحقوق.

اعلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى