شهدت أسواق العملات المشفرة تراجعًا حادًا اليوم الاثنين، حيث انخفضت قيمة البيتكوين إلى مستوى 94 ألف دولار، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من كندا والمكسيك والصين.
جاء هذا التراجع كجزء من موجة بيع واسعة طالت معظم العملات الرقمية الرئيسية. وفقًا لبيانات منصة “كوين باس”، انخفضت قيمة البيتكوين، العملة الرقمية الأكبر من حيث القيمة السوقية، بنسبة 3.84% لتصل إلى 94,033.25 دولار. كما شهدت العملات الرقمية الأخرى تراجعًا حادًا، حيث انخفض الإيثريوم بنسبة 15.55% إلى 2,497.69 دولار، مسجلًا أدنى مستوى منذ نوفمبر. كما تراجعت عملة الريبل بنسبة 13.2% إلى 2.2618 دولار، بينما انخفضت عملة دوج كوين بنسبة 12% إلى 23.58 سنت.
لم تكن العملات الرئيسية وحدها التي تأثرت، بل شهدت عملة “ترامب” الرقمية، التي تحمل اسم الرئيس الأمريكي السابق، تراجعًا بنسبة 14.85% لتصل إلى 17.61 دولار، مما يعني أنها تتداول بانخفاض يقارب 75% عن أعلى مستوى سجلته سابقًا. بدأت موجة الهبوط في أسواق العملات المشفرة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وذلك بعد توقيع ترامب على قرار بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، و10% على الصين. هذه الخطوة أثارت مخاوف المستثمرين من تأثيراتها السلبية على الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى زيادة العزوف عن المخاطرة وبيع الأصول ذات المخاطر العالية، بما في ذلك العملات المشفرة. يترقب المستثمرون الآن مستوى 90 ألف دولار كدعم رئيسي للبيتكوين، حيث يُعتبر هذا المستوى حاسمًا في تحديد الاتجاه المستقبلي للعملة. ومع ذلك، حذر بعض المحللين من إمكانية تراجع السوق إلى مستوى 80 ألف دولار في حال اختراق البيتكوين لمستوى الدعم الحالي بشكل ملموس.
تمثل التقلبات الأخيرة في سوق العملات المشفرة انعكاسًا حادًا للمكاسب الكبيرة التي شهدتها في الفترة السابقة، والتي جاءت جزئيًا بسبب تصريحات ترامب المؤيدة للعملات الرقمية، سواء خلال حملته الانتخابية أو بعد انتخابه. ومع ذلك، يبدو أن التوترات التجارية الجديدة قد طغت على هذه الإيجابيات، مما أدى إلى تصحيح حاد في الأسعار.
تواجه أسواق العملات المشفرة حاليًا ضغوطًا كبيرة بسبب التصعيد في التوترات التجارية العالمية، مما أدى إلى تراجع حاد في قيمتها. ومع استمرار حالة عدم اليقين، يترقب المستثمرون تطورات السياسة التجارية الأمريكية وتأثيراتها على الأسواق، مع التركيز على مستويات الدعم الرئيسية للبيتكوين والعملات الرقمية الأخرى.
في سياق متصل، أعلنت كندا عن توفير آلية للإعفاء من الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها الولايات المتحدة، في محاولة لتخفيف حدة التوترات التجارية بين البلدين. يأتي هذا القرار بعد أيام من إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا والمكسيك، مما أثار ردود فعل غاضبة من كندا التي وصفته بالقرار “غير المقبول”. وقالت الحكومة الكندية إنها ستوفر آلية تسمح للشركات الكندية بالتقدم بطلبات للإعفاء من الرسوم الجمركية الأمريكية، وذلك في محاولة لحماية الصناعات المحلية من الآثار السلبية للرسوم الجمركية. وأضافت أن هذه الآلية ستساعد في تخفيف الأعباء المالية على الشركات الكندية التي تعتمد على الواردات الأمريكية، كما ستساهم في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكندي في ظل التحديات التجارية الحالية.
من جهة أخرى، أشارت تقارير اقتصادية إلى أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في كندا، خاصة في قطاعات التصنيع والتصدير التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة. كما حذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه التوترات قد يؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية في كندا، مما سيؤثر سلبًا على المستهلكين والشركات على حد سواء. وفي هذا الصدد، دعا العديد من الخبراء إلى ضرورة التوصل إلى حلول دبلوماسية سريعة لإنهاء هذه التوترات التجارية، مؤكدين أن استمرارها قد يهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي.
في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الكندية عن خطط لتعزيز التجارة مع دول أخرى خارج الولايات المتحدة، في محاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية. وقال مسؤولون كنديون إنهم يعملون على تعزيز العلاقات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي وآسيا، بما في ذلك الصين واليابان، بهدف تنويع الأسواق التي تصدر إليها كندا منتجاتها. وأضافوا أن هذه الخطوة ستساعد في تقليل الآثار السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد الكندي، كما ستوفر فرصًا جديدة للشركات الكندية لتوسيع أعمالها في أسواق جديدة.
يبدو أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا قد ألقت بظلالها على أسواق العملات المشفرة، مما أدى إلى تراجع حاد في قيمتها. ومع استمرار حالة عدم اليقين، يترقب المستثمرون تطورات السياسة التجارية الأمريكية وتأثيراتها على الأسواق، مع التركيز على مستويات الدعم الرئيسية للبيتكوين والعملات الرقمية الأخرى.
في الوقت نفسه، تواصل كندا جهودها لحماية اقتصادها من الآثار السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية، من خلال توفير آليات للإعفاء من الرسوم وتعزيز التجارة مع دول أخرى. ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر هو ما إذا كانت هذه الجهود ستكون كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وما إذا كان التوصل إلى حلول دبلوماسية سريعة ممكنًا في ظل التصعيد المستمر في التوترات التجارية العالمية.