المغرب يعزز دفاعه البحري بشراكة مع عملاق الصناعة العسكرية التركية “أسيلسان”

Heure du journal

في إطار تعزيز التعاون الدفاعي بين المملكة المغربية وجمهورية تركيا، يجري المغرب محادثات متقدمة مع شركة “أسيلسان” التركية، إحدى الشركات الرائدة عالميًا في مجال الإلكترونيات الدفاعية، لاقتناء نظام إدارة قتال من الجيل الجديد (CMS). يهدف هذا النظام إلى تعزيز القدرات الدفاعية البحرية للمملكة، وإعادة هيكلة نظام الدفاع الساحلي لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة في المنطقة. تأتي هذه الخطوة في سياق تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين، والتي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد حصول المغرب على طائرات مسيرة من طراز “بيرقدار TB2” من شركة “بايكار” التركية، والتي أثبتت فعاليتها في عدة مهام استخباراتية وعسكرية.

 

شركة “أسيلسان” تُعد من أبرز الشركات العالمية في مجال الإلكترونيات الدفاعية، حيث تقدم حلولًا متطورة في مجالات الاتصالات العسكرية، الحرب الإلكترونية، وأنظمة الرادار المتقدمة. تتمتع الشركة بخبرة واسعة في تطوير أنظمة إدارة القتال التي تُستخدم في السفن الحربية والغواصات، مما يجعلها شريكًا استراتيجيًا مثاليًا للمغرب في سعيه لتحديث أسطوله البحري وتعزيز قدراته الدفاعية. يُذكر أن “أسيلسان” تعمل مع العديد من الدول حول العالم، وتُعد تركيا من خلالها واحدة من أكبر المصدرين للتكنولوجيا العسكرية في المنطقة.

 

هذا التعاون يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة، حيث تسعى العديد من الدول إلى تعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. المغرب، الذي يطل على سواحل طويلة تمتد على المحيط الأطلسي من جهة والبحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى، يدرك أهمية تعزيز دفاعه البحري لحماية حدوده البحرية ومصالحه الاقتصادية، خاصة في ظل التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، والتي تشهد نشاطًا متزايدًا للجماعات الإرهابية والتهريب.

 

من المتوقع أن يُسهم نظام إدارة القتال الجديد في تحسين قدرات المغرب على مراقبة حدوده البحرية، والكشف عن التهديدات المحتملة، والرد عليها بشكل فعال. كما أن هذا النظام سيعزز من قدرات المغرب في مجال الحرب الإلكترونية، مما يجعله أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات الحديثة في مجال الدفاع. بالإضافة إلى ذلك، سيساعد النظام في تحسين التنسيق بين الوحدات البحرية المختلفة، مما يعزز من فعالية العمليات العسكرية المشتركة.

 

هذه الخطوة تعكس أيضًا التوجه الاستراتيجي للمغرب نحو تنويع شركائه في مجال الصناعات الدفاعية، حيث يسعى إلى تعزيز التعاون مع دول ذات خبرة واسعة في هذا المجال، مثل تركيا. يُذكر أن العلاقات بين المغرب وتركيا شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في المجالات الاقتصادية والعسكرية، مما يعكس رغبة البلدين في تعزيز شراكتهما الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، تُعد تركيا من الدول القليلة التي تتمتع بتكنولوجيا عسكرية متطورة وقادرة على تلبية احتياجات المغرب في مجال التحديث العسكري.

 

من الجدير بالذكر أن المغرب قد بدأ في السنوات الأخيرة في تنفيذ خطة طموحة لتحديث قواته المسلحة، والتي تشمل تعزيز القدرات البرية والبحرية والجوية. وقد شملت هذه الخطة اقتناء معدات عسكرية متطورة من عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، بالإضافة إلى تركيا. يُعتبر التعاون مع تركيا في مجال الصناعات الدفاعية جزءًا من هذه الاستراتيجية الشاملة، والتي تهدف إلى جعل المغرب قوة إقليمية قادرة على حماية مصالحها والمساهمة في الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

يمكن القول إن تعزيز التعاون الدفاعي بين المغرب وتركيا، خاصة في مجال الدفاع البحري، يُعد خطوة مهمة في مسيرة تحديث القوات المسلحة المغربية وتعزيز قدراتها في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة. هذا التعاون يعكس أيضًا التوجه الاستراتيجي للمغرب نحو تعزيز شراكاته الدولية في مجال الدفاع، بما يخدم مصالحه الوطنية ويعزز أمنه القومي. مع استمرار التحديات الأمنية في المنطقة، يُتوقع أن يشهد التعاون بين البلدين مزيدًا من التطور في السنوات المقبلة، مما يعزز من مكانة المغرب كشريك استراتيجي مهم في المنطقة.