عقب فضيحة فيلات “تغازوت” .. نهاية “‬ريع‭” ‬رخص‭ ‬الاستثناء

Heure du journal - خالد وجنا

تعيش الساحة السياسية المغربية حالة من الجدل حول ما يعرف بـ”رخص الاستثناء” في قطاع العقار، والتي كانت موضوعًا حساسًا خلال السنوات الأخيرة. فمنذ فترة، توقفت هذه الرخص بشكل مفاجئ عقب فضيحة فيلات “تغازوت” التي كانت صدمة للكثيرين. القضية، التي تسببت في تدخل جلالة الملك، أدت إلى هدم الفيلات المبنية بطرق غير قانونية، وهو ما أثار موجة من الانتقادات والاتهامات بالتورط في فساد إداري. وكان لتورط أعضاء من حزب العدالة والتنمية في هذه القضية دورًا في تسليط الضوء على هذا الملف، حيث طالب النائب البرلماني عبد الله بوانو بضرورة إعادة النظر في هذه الرخص والعمل على تسوية الوضعيات العالقة، معتبرًا أن الآلاف من المشاريع الاستثمارية ما زالت معلقة.

من جهة أخرى، يبدو أن هناك توجهًا من قبل الحكومة الحالية نحو إعادة النظر في مسألة رخص الاستثناء في بعض القطاعات الأخرى، مثل الفندقة والصناعة. فقد أبدى كريم زيدان، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية، دعمه لإعادة العمل بهذه الرخص في مجالات أخرى، مؤكدًا على أهمية العمل بها من أجل دفع عجلة الاستثمار. غير أن موقفه تجاه قطاع العقار يبدو مختلفًا، حيث أشار إلى أنه غير متحمس للعودة للعمل برخص الاستثناء في هذا المجال، رغم ضغوط بعض الأطراف السياسية التي تطالب بإعادة هذه الرخص لتسهيل إجراءات الاستثمارات المتوقفة.

من جانب آخر، كان للموقف المتخذ من قبل وزارة الداخلية دور كبير في توقف العمل برخص الاستثناء في قطاع العقار، حيث تم سحب هذه الصلاحيات من الولاة، وذلك بعد أن أصبح من الواضح أن هذه الرخص قد تحولت إلى وسيلة للنفوذ والتلاعبات التي تخدم مصالح مجموعة من المسؤولين وأرباب المشاريع الكبرى. وقد أظهر هذا الواقع كيف أن بعض المسؤولين، سواء في الإدارة المحلية أو في القطاع الخاص، استفادوا من “ريع الاستثناء” ليحققوا أرباحًا خيالية، مما جعل هذه الرخص تشكل نقطة ضعف في النظام الإداري.

لكن ما يثير الجدل في هذا الملف هو حقيقة أن رخص الاستثناء في قطاع العقار كانت تستخدم في بعض الحالات لتمرير مشاريع تخالف المصلحة العامة، مما أدى إلى تضرر المواطنين البسطاء الذين كانوا ضحايا المضاربات العقارية وارتفاع أسعار السكن. وتعتبر هذه القضايا بمثابة تصعيد للقضية، حيث أن رخص الاستثناء قد أسهمت في تعزيز المحسوبية والزبونية، ما جعل القطاع العقاري أكثر عرضة للفساد.

ومع تسارع الأحداث، بات من الواضح أن هناك مساعي لتغيير هذا الوضع، سواء من خلال تعديل بعض القوانين أو عبر إصلاحات هيكلية في القطاع. ورغم المواقف المتباينة حول هذه القضية، إلا أن الأمر الأكيد هو أن الأوضاع الحالية تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة من أجل إرساء الشفافية وتحقيق العدالة في مجال الاستثمار العقاري، وهو ما قد يساهم في استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين.

إن ملف رخص الاستثناء في قطاع العقار لا يزال يشكل اختبارًا كبيرًا بالنسبة للحكومة الحالية، ويتطلب معالجة شاملة للأسباب التي أدت إلى هذه الاختلالات. فإصلاح القطاع العقاري ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل هو أيضًا رهان اجتماعي يهدف إلى تحسين الوضع السكني للمواطنين، ومكافحة الفساد الذي يطال هذا المجال. ويبقى الأمل في أن يتمكن المسؤولون من إيجاد حلول واقعية ومؤثرة تعيد الثقة في المؤسسات وتدفع بالاستثمار إلى الأمام، بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة تحقق المنافع لجميع المواطنين.