
وزير الفلاحة يكشف عن إحصاء وطني للماشية وسط جدل حول إلغاء عيد الأضحى
في ظل الأزمة المناخية التي تضرب المغرب للسنة السابعة على التوالي بسبب الجفاف المستمر، تتزايد التساؤلات والجدل حول إمكانية إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام. يأتي ذلك في سياق ارتفاع غير مسبوق لأسعار لحوم الأبقار والغنم نتيجة النقص الحاد في الموارد الطبيعية وغلاء الأعلاف. هذه التطورات دفعت إلى تصاعد دعوات العديد من الفاعلين والسياسيين لإعادة النظر في إقامة العيد، فيما يبقى موقف الحكومة متحفظاً ويدعو للتريث قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري، خرج عن صمته في هذا الموضوع أثناء جلسة عمومية بمجلس النواب، حيث أعلن عن إطلاق إحصاء شامل للقطيع الوطني من الماشية. هذه العملية، التي وصفت بأنها خطوة أولى نحو تقييم الوضع الراهن، تهدف إلى جمع بيانات دقيقة حول عدد الماشية المتوفرة في كل جهة من جهات المملكة. وأكد الوزير أن هذه الإحصاءات ستشكل أساساً لتحديد الخيارات المستقبلية، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على إعداد برنامج متكامل بالتعاون مع النواب البرلمانيين لمعالجة الاختلالات التي يعاني منها القطاع الفلاحي.
وأوضح البواري أن الوزارة ستقوم بتقييم نتائج هذا الإحصاء لتحديد ما إذا كانت هناك موارد كافية لتلبية الطلب على الأضاحي خلال العيد، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية التي تعيشها المملكة. كما شدد على أهمية إشراك مختلف الأطراف في هذه العملية، لضمان صياغة حلول تعالج الأزمة بشكل شامل ومستدام.
في المقابل، اعتبر مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن النقاش الدائر حول إلغاء عيد الأضحى سابق لأوانه. وأشار خلال ندوة صحفية أعقبت اجتماعاً لمجلس الحكومة إلى أن القرار النهائي لن يتم اتخاذه إلا بعد دراسة معمقة لتطورات الوضع خلال الأشهر المقبلة. وأضاف أن الحكومة تعمل بجدية لإيجاد حلول للأزمة من خلال برامج متعددة تهدف إلى دعم القطاع الفلاحي وضمان استقراره.
هذا الجدل لم يتوقف عند حدود الحكومة والبرلمان، بل امتد إلى الأوساط الشعبية، حيث تتباين الآراء حول جدوى إقامة عيد الأضحى في ظل الظروف الحالية. البعض يرى أن إلغاء العيد سيكون خطوة حكيمة للتخفيف من الأعباء الاقتصادية على المواطنين، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لتكاليف المعيشة. بينما يعتقد آخرون أن الشعائر الدينية يجب أن تبقى مصونة، حتى لو تطلب الأمر التضحية بمصاريف إضافية.
وتواجه الحكومة ضغوطاً كبيرة لإيجاد توازن بين الحفاظ على التقاليد الدينية من جهة وضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى. فالجفاف الذي استمر لسنوات أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الحبوب وتدهور حالة المراعي، مما تسبب في ارتفاع أسعار الأعلاف وانخفاض عدد رؤوس الماشية. هذا الوضع دفع العديد من مربي الماشية إلى التخلي عن أنشطتهم، مما زاد من حدة الأزمة.
ورغم كل هذه التحديات، يعوّل الكثيرون على قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات مدروسة تضمن توفير الأضاحي بأسعار معقولة، دون أن تترك آثاراً سلبية على المزارعين ومربي الماشية. ويرى مراقبون أن عملية إحصاء القطيع الوطني التي أعلنت عنها وزارة الفلاحة قد تكون بداية لحلول أكثر تنظيماً، إذا ما تم استثمارها بشكل صحيح.
من جهة أخرى، دعا خبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي إلى تبني سياسات مستدامة لمواجهة آثار التغير المناخي والجفاف، مشيرين إلى أهمية تعزيز الأمن الغذائي المحلي عبر دعم الزراعات الموفرة للماء وتشجيع استخدام تقنيات الري الحديثة. كما طالبوا بتقديم دعم مباشر لمربي الماشية المتضررين، لضمان استمرارهم في النشاط ولتخفيف الأعباء عن كاهلهم.
في نهاية المطاف، يبقى النقاش حول عيد الأضحى مرتبطاً بتطورات الوضع المناخي والاقتصادي خلال الأشهر المقبلة. ومع تصاعد التحديات، يبدو أن الحكومة مطالبة بوضع رؤية متكاملة تراعي مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية، لتجنب المزيد من التأزم وضمان استقرار الأوضاع في البلاد.