منطقة عازلة و3 مراحل حتى تنتهي الحرب.. ما نعرفه عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

Heure du journal - خالد وجنا

في خطوة طال انتظارها، أعلنت إسرائيل وحركة حماس عن اقترابهما من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو الأول منذ أكثر من عام، بهدف إنهاء جولة طويلة من الصراع الدموي في قطاع غزة. يأتي هذا الاتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة شاقة، تمت بوساطة دولية وإقليمية، شملت قطر ومصر وأطرافًا أخرى، حيث يسعى الطرفان لإيجاد تسوية تتيح لهما تحقيق مكاسب متبادلة، وسط واقع إنساني مأساوي يعيشه سكان القطاع.

 

الاتفاق المتوقع تنفيذه على ثلاث مراحل، يبدأ بوقف إطلاق النار لمدة 42 يومًا كمرحلة أولى، وهي خطوة تمثل بارقة أمل لسكان غزة الذين يعانون من أوضاع إنسانية كارثية منذ اندلاع الصراع الأخير في أكتوبر 2023. المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح 33 رهينة تحتجزهم حماس منذ بداية التصعيد، بينهم نساء وأطفال ورجال مسنون، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات السجناء الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين أدينوا بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

 

خلال المرحلة الأولى، ستبدأ إسرائيل انسحابًا تدريجيًا من المراكز السكانية الكبرى في غزة، مع الاحتفاظ بوجودها العسكري في ممر فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر. هذا الممر، الذي يمتد على طول 14 كيلومترًا، سيظل منطقة أمنية محورية لضمان عدم تهريب الأسلحة، بحسب المسؤولين الإسرائيليين. كما سيتم إنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل، وهي نقطة خلافية في المفاوضات، إذ ترى حماس أن هذه المنطقة تكرس واقع الاحتلال وتعزز سيطرة إسرائيل على أجزاء من القطاع، بينما تعتبرها إسرائيل ضرورة أمنية.

 

ويتضمن الاتفاق أيضًا بنودًا حساسة لتبادل الأسرى، حيث سيتم إطلاق سراح خمس جنديات إسرائيليات محتجزات لدى حماس مقابل 50 سجينًا فلسطينيًا، بينهم مسلحون مدانون يقضون أحكامًا طويلة بالسجن. ومع ذلك، لن يُعاد السجناء الفلسطينيون المسؤولون عن قتل إسرائيليين إلى الضفة الغربية، بل سيُنقلون إلى قطاع غزة أو دول أجنبية بموجب تفاهمات مع أطراف دولية.

 

رغم أهمية هذا الاتفاق، فإنه لا يضمن استمرار وقف إطلاق النار بعد انتهاء المرحلة الأولى، حيث ستبدأ مفاوضات جديدة للوصول إلى المرحلتين الثانية والثالثة. المرحلة الثانية تهدف إلى تحقيق انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، في حين تهدف المرحلة الثالثة إلى وضع إطار لإنهاء الحرب بشكل دائم. هذه النقطة تثير شكوك العديد من المراقبين، خاصة في ظل غياب ضمانات صريحة من الجانب الإسرائيلي أو التزام حماس بشروط طويلة الأمد.

 

التحديات التي تواجه هذا الاتفاق متعددة، من بينها قضية الرهائن والمعتقلين. تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن حماس لا تزال تحتجز 94 رهينة، بينهم 84 إسرائيليًا، بالإضافة إلى أجانب من جنسيات متعددة. وقد أكدت إسرائيل أن 34 رهينة على الأقل قتلوا منذ اختطافهم، لكن العدد الحقيقي قد يكون أكبر، مما يزيد من تعقيد المفاوضات. في المقابل، تحتجز إسرائيل ما يزيد عن 10 آلاف سجين فلسطيني، بينهم مئات الأطفال والنساء، مما يجعل هذه القضية عاملًا حساسًا في أي تسوية محتملة.

 

على الأرض، لا تزال الأوضاع الإنسانية في غزة كارثية، حيث أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 46,645 فلسطينيًا منذ بداية التصعيد، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فضلًا عن إصابة أكثر من 110 آلاف شخص. الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية، مع انقطاع التيار الكهربائي ونقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب، يجعل أي اتفاق لوقف إطلاق النار ضرورة ملحة لتخفيف معاناة السكان.

 

هذا الاتفاق، رغم أهميته، لا يخلو من التحديات والعقبات. يشير مراقبون إلى أن نجاحه يعتمد على مدى التزام الطرفين ببنوده، إضافة إلى الدور الذي ستلعبه الأطراف الوسيطة في ضمان استمراره. في المقابل، ترى بعض الجهات أن الاتفاق لا يعدو كونه هدنة مؤقتة تهدف إلى تخفيف التوترات الدولية والمحلية، دون معالجة جذرية للقضايا الأساسية التي تقف وراء استمرار الصراع.

 

وبينما ينتظر سكان غزة بفارغ الصبر تنفيذ الاتفاق، يظل السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الخطوة في وضع حد للحرب المستمرة، أم أنها مجرد محطة أخرى في سلسلة طويلة من محاولات التهدئة التي سرعان ما تتبدد أمام واقع الانقسام والصراعات الإقليمية؟ الإجابة على هذا السؤال تظل رهينة بما ستؤول إليه الأحداث في الأيام والأسابيع المقبلة.