مزور يكشف عن احتكار 18 مضاربا لأسواق اللحوم ويؤكد على جهود الحكومة لضبط الأسعار

Heure du journal

كشف وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، عن تفاصيل خطيرة حول الوضع الحالي لسوق اللحوم الحمراء في المغرب، مشيرًا إلى أن 18 مضاربًا يتحكمون بشكل كبير في الأسعار. في حديثه لبرنامج “Le Debrief” على قناة ميدي 1، كشف الوزير عن أن هؤلاء المضاربين قد ساهموا في رفع هوامش الربح بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تضخم الأسعار بشكل كبير على مستوى السوق المحلي. وأضاف أن الحكومة اتخذت عدة تدابير لمحاربة هذا الظرف، أهمها فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية على اللحوم الحمراء، في محاولة لزيادة العرض وتقليص الأسعار التي تواصل الارتفاع.

 

وأشار مزور إلى أن الحكومة سمحت باستيراد 200 ألف رأس من الأغنام، مع إلغاء الرسوم الجمركية التي كانت تبلغ 200% في محاولة لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار. لكن، في وقت لاحق، أظهرت التحقيقات أن هوامش الربح التي حققها المستوردون تراوحت بين 20 و25 درهمًا للكيلوغرام الواحد من اللحوم، رغم أنه كان من المفترض أن لا تتجاوز 10 دراهم. أما بالنسبة للجزارين التقليديين، فقد تراوحت هوامش الربح الخاصة بهم بين 8 و10 دراهم. وأكد الوزير أن مجموع هوامش الربح، سواء للمستوردين أو الجزارين، وصل إلى حوالي 40 درهمًا للكيلوغرام الواحد، وهو ما يعادل ضعف الهوامش السابقة التي كانت تتراوح بين 20 و25 درهمًا. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة لهذه التدابير، لم يتم استهلاك الحصص المخصصة بالكامل، مما أثار تساؤلات حول جدوى هذا الإجراء في مواجهة الاحتكار الذي يمارسه عدد محدود من المضاربين في السوق.

 

من جانب آخر، شدد وزير الصناعة والتجارة على أن فتح باب الاستيراد لم يكن كافيًا لتحقيق الهدف المرجو، وهو خفض أسعار اللحوم الحمراء على مستوى السوق المحلي. وفي الوقت نفسه، أكد أن الإعفاءات الجمركية وضريبة القيمة المضافة التي تم تطبيقها ساعدت في الحفاظ على استقرار أسعار اللحوم المستوردة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام 70 درهمًا بعد هذه الإجراءات، في حين كان من الممكن أن يتجاوز السعر 200 درهم لو تم تطبيق الرسوم الجمركية السابقة. ومع ذلك، اعترف مزور بأن هذه الإجراءات لم تحقق النجاح الكامل بعد، وأنها وضعت الأسس اللازمة للتحكم في الأسعار على المدى الطويل.

 

من ناحية أخرى، سلط الوزير الضوء على التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب بشكل عام، لافتًا إلى أن التغيرات المناخية كانت لها تأثير كبير على سوق العمل، خاصة في القطاع الزراعي. وأوضح أن غياب استراتيجية مائية متكاملة في الوقت المناسب أدى إلى تأثير مباشر على التشغيل في هذا القطاع، حيث كان بالإمكان الحفاظ على حوالي 400 ألف وظيفة لو تم تنفيذ استراتيجية مائية في وقتها. وفي سياق آخر، أشار إلى أن الحكومة تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد من خلال عدة مبادرات، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه تم خلق 364 ألف وظيفة مؤدى عنها بين نهاية 2021 ونهاية 2024.

 

وفيما يتعلق بتحديات سوق العمل، أوضح مزور أن هناك مفارقات واضحة في هذا المجال، حيث على الرغم من فقدان الوظائف في بعض القطاعات، فإن بعض المجالات مثل البناء والأشغال العامة لا تزال تعاني من صعوبة في العثور على العمال. هذا الوضع يستدعي ضرورة ابتكار نماذج اقتصادية جديدة تتماشى مع احتياجات السوق وتحاكي التحولات الجارية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. كما شدد على أن قطاع البناء في المغرب بحاجة إلى تعزيز القوى العاملة لتلبية الطلب المتزايد على المشاريع في هذا المجال.

 

وفيما يخص مشروعات البنية التحتية المائية، أكد الوزير أن مشاريع السدود في المغرب، والتي شهدت نسبة إنجاز تقدر بحوالي 50% في عهد الحكومة السابقة، هي خطوة إيجابية لكنها غير كافية لضمان الأمن المائي في البلاد. وبين أن مشكلة المياه في المغرب لا تكمن فقط في عدد السدود، بل في كميات الأمطار التي تتساقط على البلاد، مما يزيد من تعقيد الوضع. وأضاف أن المغرب يحتاج إلى حلول بديلة، مثل محطات تحلية المياه، التي تعد أحد الحلول لمواجهة نقص المياه. وأشار إلى مشروع محطة تحلية المياه في الدار البيضاء، الذي كان من المفترض أن يوفر 200 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، على أن ترتفع القدرة الإنتاجية إلى 300 مليون متر مكعب. لكن هذا المشروع، الذي كان مبرمجًا منذ عام 2016، لم يتم تنفيذه في الوقت المحدد، ما ضيع على المغرب فرصة تعزيز موارده المائية في وقت حساس.

 

وفي ختام حديثه، أبدى مزور موقفًا حازمًا تجاه المضاربين في الأسعار، مؤكدًا أن الحكومة لن تتهاون مع هذه الممارسات وستستمر في تطبيق جميع الإجراءات التي تم اتخاذها لضبط السوق. وأشار إلى أن الحكومة لا تزال تعمل على تحقيق العديد من الإنجازات رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني.