
فرنسا تعلن عن قرب افتتاح تمثيل قنصلي في الصحراء المغربية في خطوة دعم لسيادة المملكة
أعلن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لارشيه، عن قرار تاريخي خلال زيارته لمدينة العيون في الصحراء المغربية، حيث أكد أن فرنسا ستقوم قريباً بفتح تمثيل قنصلي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. يأتي هذا الإعلان ليعكس موقف فرنسا الثابت والواضح في دعم سيادة المغرب على صحرائه ويعزز من العلاقات الثنائية بين البلدين في وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية واهتماماً متزايداً بقضايا السيادة والاعتراف الدولي.
وقد تحدث لارشيه في تصريحه الذي لاقى صدى كبيراً في وسائل الإعلام الدولية عن أن فتح قنصلية فرنسية في الأقاليم الجنوبية للمغرب يعكس التزام بلاده الثابت بمواقفها تجاه قضية الصحراء المغربية. واعتبر أن هذه الخطوة تأتي في إطار دعم فرنسا لمغربية الصحراء وحرصها على تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع المغرب. كما أضاف أن هذا الإجراء سيكون بمثابة خطوة إضافية نحو تكريس الاعتراف الدولي بحق المغرب في السيادة على أراضيه، خاصةً في ظل المواقف المتزايدة التي بدأت العديد من الدول تتبناها تجاه القضية الصحراوية.
وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تطور ملحوظ في سياسة فرنسا تجاه النزاع في الصحراء المغربية. إذ على الرغم من موقف فرنسا الذي كان معروفاً تاريخياً، والذي يعترف بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إلا أن تطورات السنوات الأخيرة تشير إلى تحول ملحوظ في مواقف العديد من العواصم الكبرى، بما في ذلك باريس، التي بدأت تعترف بالمغربية الكاملة للصحراء. ويأتي هذا القرار في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى تعزيز علاقاته مع الدول الكبرى، في إطار سعيه لتحقيق مكانة إقليمية ودولية بارزة.
من جانبها، رحبت الحكومة المغربية بهذا التصريح التاريخي، معتبرةً إياه دعمًا قويًا لمواقفها السيادية على الصحراء. وقد اعتبر المسؤولون المغاربة أن فتح القنصلية الفرنسية في مدينة العيون ليس مجرد خطوة دبلوماسية، بل هو اعتراف عملي بسيادة المملكة على أراضيها، في مواجهة محاولات بعض الأطراف الدولية لتقويض هذا الحق. وأكدت السلطات المغربية أن هذه الخطوة تعكس موقفًا واضحًا من فرنسا في دعم الوحدة الترابية للمملكة، مشيرةً إلى أن هذا القرار يمثل إضافة نوعية في تعزيز العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة.
في المقابل، فإن هذا الموقف الفرنسي يزيد من عزلة الجزائر على الساحة الدولية، خاصةً في ما يتعلق بقضية الصحراء. فلطالما دعمت الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية في محاولاتها لاستقلال الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل التزايد المستمر للاعترافات الدولية بسيادة المغرب على أراضيه. ويُلاحظ أن العديد من الدول، سواء في إفريقيا أو في مناطق أخرى من العالم، قد بدأت في فتح قنصليات في الصحراء المغربية، مما يساهم في إضعاف موقف الجزائر، التي تجد نفسها وحيدة في دعم البوليساريو، مع تحول عدد كبير من الدول إلى الاعتراف بمغربية الصحراء.
هذا التحول في المواقف على الساحة الدولية يشير إلى أن الجزائر تواجه تحديات كبيرة في التأثير على الرأي العام الدولي بشأن قضية الصحراء. فمع تزايد المواقف المساندة للمغرب، باتت الجزائر تجد نفسها في موقف أكثر عزلة على الساحة الدولية، حيث لم تعد قادرة على حشد الدعم الكافي لموقفها في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية. ويظهر من خلال هذا التطور أن الجزائر قد تفقد الكثير من تأثيرها في ملف الصحراء مع مرور الوقت، بينما يواصل المغرب تعزيز مكانته الدولية.
ويشير العديد من الخبراء إلى أن قرار فرنسا بفتح تمثيل قنصلي في الصحراء المغربية يشكل نقلة نوعية في السياسة الدولية تجاه هذا النزاع الإقليمي، ويعكس تحولات عميقة في العلاقات الدولية بشكل عام. فرنسا، كدولة ذات نفوذ كبير في السياسة الدولية، تُعد من بين الدول الكبرى التي تلعب دورًا محوريًا في القضايا العالمية. لذا فإن موقفها هذا سيكون له تداعيات كبيرة على العلاقات بين دول المنطقة وعلى المواقف الدولية في هذا الملف. وهذا يعكس تحولًا في سياسات القوى الكبرى التي بدأت تأخذ بعين الاعتبار مصالحها الاستراتيجية مع المغرب، وخاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني.
إن هذا التصريح من رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يعكس في جوهره تحولًا مهمًا في السياسة الفرنسية تجاه الصحراء المغربية، ويُعد من المؤشرات الدالة على أن هذه القضية أصبحت محط اهتمام عالمي متزايد. من المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز موقف المغرب على الساحة الدولية، وأن تشجع المزيد من الدول على اتخاذ مواقف مشابهة، مما يدعم اعتراف المجتمع الدولي بمغربية الصحراء.
وفي الختام، فإن تصريح جيرار لارشيه يُعد خطوة بارزة في تعزيز العلاقات المغربية الفرنسية، ويؤكد أن قضية الصحراء المغربية لم تعد مجرد مسألة إقليمية بل أصبحت قضية سيادة تعترف بها دول كبرى.