شهدت ليلة الأحد في هوليوود احتفالًا سينمائيًا كبيرًا خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار في دورته السابعة والتسعين، حيث اجتمع نجوم وصناع السينما في مسرح دولبي لمتابعة واحدة من أكثر الليالي ترقبًا في عالم الفن السابع. وكما هو متوقع، لم تخلُ الأمسية من المفاجآت واللحظات العاطفية، إذ شهد الحفل فوز فيلم “أنورا” بخمس جوائز أوسكار، ما جعله الحدث الأبرز في الأمسية، مع تحقيق المخرج شون بيكر انتصارًا استثنائيًا بفوزه بأربع جوائز، شملت أفضل إخراج، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل مونتاج، إلى جانب كونه أحد المنتجين للفيلم الفائز بجائزة أفضل فيلم.
كانت أكبر مفاجآت الحفل تتويج ميكي ماديسون بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في “أنورا”، في فوز غير متوقع أطاح بالممثلة ديمي مور، التي كانت المرشحة الأبرز بعد سيطرتها على معظم الجوائز الكبرى هذا الموسم، بما في ذلك جائزة نقابة ممثلي الشاشة عن أدائها في فيلم الرعب “المادة”. ومع ذلك، فإن فوز ماديسون السابق بجائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) أشار إلى احتمال حدوث انقلاب في النتائج. وعلى الرغم من الصدمة التي صاحبت خسارة مور، إلا أن فوز ماديسون عزز مكانة “أنورا” كأحد أنجح أفلام العام.
من جانبه، حقق أدريان برودي إنجازًا كبيرًا بفوزه بجائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم التاريخي “البنائي”، ليحصل على ثاني أوسكار في مسيرته بعد أكثر من عقدين من تتويجه الأول عن فيلم “عازف البيانو” عام 2003. وكان ترشحه قد وضعه في منافسة قوية أمام أسماء بارزة، منها تيموثي شالاميت وكولمان دومينغو ورالف فاينس وسباستيان ستان، إلا أن أدائه المتميز حسم الجائزة لصالحه.
في الفئات الداعمة، فاز كيران كولكن بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم “ألم حقيقي”، بينما حصدت زوي سالدانا جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن أدائها في “إميليا بيريز”، متفوقة على نجمات مثل فيليسيتي جونز وإيزابيلا روسيليني. وفي سياق مشابه، صنع بول تزوويل التاريخ بفوزه بجائزة أفضل تصميم أزياء عن فيلم “ويكد”، ليصبح أول رجل من أصول إفريقية ينال هذه الجائزة، ما اعتبر لحظة تاريخية في الأوسكار.
أما في فئة الرسوم المتحركة، فقد فاز فيلم “تدفق” بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، متفوقًا بشكل مفاجئ على فيلم “الروبوت البري”، الذي كان الأوفر حظًا بعد فوزه بجوائز مهمة خلال الموسم. وفي فئة السيناريوهات، حصل بيتر ستراوغان على جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن فيلم “مجمع الكرادلة”، في حين نال شون بيكر جائزة أفضل سيناريو أصلي عن “أنورا”، مضيفًا بذلك جائزة جديدة إلى قائمة إنجازاته في هذه الليلة.
وفي الجوانب التقنية، حافظ “كثيب: الجزء الثاني” على مكانته المتميزة، حيث فاز بجائزتي أفضل مؤثرات بصرية وأفضل صوت، فيما نال فيلم “ويكد” جائزة أفضل تصميم إنتاج. من جهة أخرى، ذهبت جائزة أفضل تصوير سينمائي إلى “البنائي”، بفضل العمل المذهل الذي قدمه مدير التصوير لول كراولي.
أما في فئة الأفلام الوثائقية، فقد حصد الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى” جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وهو فوز يحمل دلالات سياسية وثقافية كبيرة، خاصة في ظل التوترات المستمرة في المنطقة. بينما فاز “الفتاة الوحيدة في الأوركسترا” بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير، محققًا إشادة واسعة من النقاد والجمهور على حد سواء.
في فئة أفضل فيلم عالمي، حصد الفيلم البرازيلي “أنا ما زلت هنا” الجائزة، متفوقًا على أفلام قوية من فرنسا وألمانيا والدنمارك ولاتفيا. أما في فئة الموسيقى، فقد فاز فيلم “إميليا بيريز” بجائزة أفضل أغنية أصلية عن أغنية “إل مال”، التي كانت واحدة من أبرز الأغاني المرشحة.
أقيم الحفل تحت تقديم الإعلامي الساخر كونان أوبراين، الذي أضفى لمسات من الفكاهة على الليلة التي تابعها الملايين عبر قناة “إي بي سي” ومنصة “هولو”. وبالرغم من أن بعض النتائج جاءت متوقعة، إلا أن هذه الدورة حملت العديد من المفاجآت، لتضيف إلى تاريخ الأوسكار ليلة لا تُنسى مليئة بالتكريمات غير المتوقعة واللحظات المؤثرة في عالم السينما.