فضيحة دعم استيراد اللحوم الحمراء: 13.3 مليار درهم تتبخر وحكومة اخنوش في قلب العاصفة
Heure du journal - خالد وجنا
في سياق تصاعد الغضب الشعبي والسياسي بالمغرب، تبرز فضيحة دعم استيراد اللحوم الحمراء كواحدة من أخطر أزمات التدبير الحكومي في السنوات الأخيرة. فقد كشفت معطيات رسمية أن الحكومة المغربية صرفت ما يزيد عن 13.3 مليار درهم خلال عامين فقط، في إطار خطة دعم استيراد الماشية، دون أن تحقق الأهداف المعلنة من كبح لأسعار اللحوم أو تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما في فترات الأعياد.
المفارقة الكبرى تكمن في حجم المبلغ الذي يُقارب 1.3 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبا ثروة رئيس الحكومة عزيز أخنوش الشخصية حسب تصنيفات “فوربس”، دون أن ينعكس ذلك على السوق أو يخفف من معاناة المواطنين. فأسعار اللحوم ظلت مرتفعة، بل إن موسم عيد الأضحى الأخير عرف دعوة ملكية للاستغناء عن شعيرة الذبح، في مؤشر صارخ على فشل التدابير المتخذة.
ما زاد من حدة الجدل هو التضارب الصارخ في الأرقام. فبينما تؤكد وزارة المالية ضخ 13.3 مليار درهم، تحاول وزارة الفلاحة تقليص حجم الخسائر إلى 437 مليون درهم فقط، وهو ما لم يقنع الرأي العام، خصوصا في ظل غياب الشفافية ورفض الناطق الرسمي باسم الحكومة تقديم توضيحات إضافية. استفاد من هذه الخطة 156 مستوردا فقط، أغلبهم مرتبطون سياسيا بحزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، ما جعل الأصوات المعارضة تتحدث عن “مخطط للريع” صُمم لفائدة نخبة ضيقة على حساب الصالح العام.
لم يكن لهذا الدعم أي أثر فعلي على تثبيت الأسعار، إذ ظلت اللحوم تُباع بأسعار مرتفعة، فيما بلغ هامش الربح بين الاستيراد والبيع النهائي ما يقارب 100%، حسب تصريحات نزار بركة، وزير التجهيز والماء، مما يعني أن العملية كانت مربحة فقط للمستوردين، لا للمواطنين أو الدولة.
هذه الفضيحة فجّرت تصعيدا سياسيا غير مسبوق، إذ سارعت أحزاب المعارضة إلى المطالبة بلجنة تحقيق برلمانية لكشف ملابسات الملف، وسط اتهامات مباشرة بالفساد واستغلال النفوذ. ويُعزز هذه الاتهامات ما كشفت عنه الجمعية الوطنية لمُنتجي اللحوم الحمراء، حول استفادة شركات حديثة العهد، لا تملك أي تجربة في القطاع، فقط لأنها تابعة لمنتخبين مطلعين على دهاليز القرار.
الرؤية الضبابية التي تحيط بتوزيع الدعم، واختيار المستفيدين، ومآل الأموال، دفعت فاعلين سياسيين واقتصاديين إلى المطالبة بإعادة هيكلة شاملة لسلسلة إنتاج اللحوم، وترسيخ مبدأ الشفافية في الدعم العمومي. ففي ظل الغياب التام للمحاسبة، وتعدد التبريرات الحكومية المتضاربة، يبدو أن المغرب يواجه واحدة من أعمق أزماته التدبيرية، التي تضع الحكومة برمتها، وعلى رأسها رئيسها، في قلب فضيحة تهدد الثقة بين المواطن والدولة.