رشيدة داتي تجدد دعم فرنسا لمغربية الصحراء خلال زيارة رسمية إلى طرفاية

Heure du journal

في زيارة رسمية إلى مدينة طرفاية، التي تقع في الأقاليم الجنوبية للمغرب، جددت وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، التأكيد على دعم فرنسا الثابت لمغربية الصحراء، حيث عبرت عن دعمها الكامل لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، كما أكدت على اعتراف فرنسا بسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها. هذه الزيارة التي أجرتها داتي، برفقة وزير الثقافة والشباب والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد، تأتي في وقت حساس يعكس تعزيز الروابط الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، سواء على الصعيد الثقافي أو السياسي.

 

توجهت الوزيرة الفرنسية إلى طرفاية في إطار تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، حيث زارت مجموعة من المعالم التاريخية والثقافية التي تعد شاهدة على تاريخ المنطقة الغني والمتميز. وكانت البداية من قصبة طرفاية، المعلمة التاريخية التي تم تدشينها سنة 1938، ثم انتقلت لزيارة دار البحر “كاسمار”، وهو الحصن التاريخي الذي كان قد أسسه التاجر والمهندس الإنجليزي دونالد ماكنزي. هذا الموقع التاريخي يعد نقطة التقاء ثقافي وتجاري بين العالمين الأوروبي والأفريقي، حيث مر عليه العديد من الأحداث المهمة التي تعكس التفاعل الثقافي بين مختلف الشعوب.

 

كما زارت داتي متحف أنطوان دو سانت إكزوبيري، الذي يحتفي بذكرى الكاتب الفرنسي الشهير مؤلف “الأمير الصغير”، والذي استقر في طرفاية سنة 1927 حين كان مكلفًا بإيصال البريد الجوي بين فرنسا والمغرب. هذا المتحف، الذي افتتح في سنة 2004، يعرض مقتنيات ووثائق توثق تلك المرحلة التاريخية، وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الطيران والبريد الجوي بين البلدين. الزيارة، إذًا، لم تقتصر على بعد ثقافي فقط، بل كانت أيضًا فرصة لتأكيد مكانة طرفاية كمركز تاريخي يربط بين قارات العالم القديم.

 

وخلال تصريحاتها الصحفية، أكدت رشيدة داتي أن زيارتها إلى مدينة طرفاية ليست مجرد زيارة عادية، بل هي زيارة تعكس الروابط التاريخية العميقة بين المغرب وفرنسا. وأشارت إلى أن فرنسا تواصل دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، معتبرة أن هذه الخطوة تتماشى مع المواقف الرسمية التي عبرت عنها فرنسا في مناسبات عديدة. كما أشادت داتي بالجهود التي يبذلها المغرب في تثمين التراث الثقافي للجنوب المغربي، وخاصة مدينة طرفاية التي تعتبر نقطة محورية في التاريخ الثقافي والعلمي.

 

وفي سياق هذه الزيارة، تم الإعلان عن توقيع اتفاقيات جديدة بين المغرب وفرنسا في مجالات عدة، أبرزها الألعاب الإلكترونية، السينما، القطاع السمعي البصري، التراث، وعلم الآثار. وقد تم الاتفاق على إطلاق معهد للإعلام والسمعي البصري في المنطقة، بالإضافة إلى إنشاء فرع للتحالف الفرنسي في طرفاية. هذه الاتفاقيات تندرج في إطار تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، الذي شهد دفعة قوية في السنوات الأخيرة، خاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب.

 

من جهته، أكد وزير الثقافة والشباب المغربي، محمد المهدي بنسعيد، أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة على جميع الأصعدة. وأوضح أن المغرب يواصل التأكيد على سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وأن هذه الزيارة تأتي في سياق تفعيل الاعتراف الدولي بهذا الواقع. كما أشار بنسعيد إلى أن المغرب يسعى من خلال شراكته الثقافية مع فرنسا إلى تعزيز التنمية المستدامة في المنطقة عبر استثمار الثقافة والتراث المحلي في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.

 

وأضاف بنسعيد أن الشراكة مع فرنسا تتضمن ترميم معالم تاريخية هامة مثل دار البحر “كاسمار”، حيث سيتم تحويله إلى فضاء ثقافي يبرز المكانة التاريخية للمدينة في تاريخ التبادل التجاري والثقافي بين أوروبا وإفريقيا. هذه المشاريع، التي تشمل أيضًا استثمارات في مجال السياحة الثقافية، تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة لشباب المنطقة وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

 

في ختام الزيارة، أكد وزير الثقافة المغربي أن هذه المبادرات الثقافية تعكس التزام المغرب الراسخ بحماية تراثه الثقافي وتطويره بما يتماشى مع تطلعات الأجيال الجديدة، وأن التعاون مع فرنسا سيظل محورا أساسيا في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وأشار إلى أن التعاون الثقافي ليس فقط مجرد وسيلة لتعزيز الروابط الثنائية، بل هو أيضًا أداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية، وبالتالي تأكيد على سيادة المغرب على هذه المناطق.

 

وبذلك، فإن زيارة رشيدة داتي إلى طرفاية شكلت لحظة فارقة في تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية، حيث جمعت بين الأبعاد الثقافية والسياسية، وعكست التزام الجانبين بتعزيز التعاون في مختلف المجالات الحيوية، بما في ذلك الثقافة، السياحة، والتعليم، لتواصل تعزيز العلاقات الثنائية في إطار من الاحترام المتبادل والتنمية المستدامة.