
حسين الجسمي… سفير الطرب العربي يُضيء سماء كازابلانكا بأمسية فنية
في زمن تحتاج فيه الشعوب إلى لحظات تُحيي الروح وتُعيد ترتيب الأحاسيس، جاء صوت حسين الجسمي ليكون أكثر من مجرد طرب، بل رسالة حب ووصل وجَمال. ليلة الأحد 30 يونيو 2025، لم تكن ككل الليالي، بل كانت موعدًا مع الدفء، حيث امتلأ ملعب “لا كازابلانكيز” بقلوبٍ تهتف، وأيادٍ تلوّح، وعيونٍ تلمع تحت أضواء مهرجان Casablanca Music Week.
منذ اللحظة الأولى لظهوره، بدا أن هناك اتفاقًا غير معلن بين الفنان وجمهوره: أن يُنسج سحرٌ من نوع خاص. غنّى الجسمي “بالبنط العريض” فغنّى الجميع معه، وردّدوا “ستة الصبح” وكأن الزمن توقّف عند هذا الموعد، قبل أن يصل إلى ذروة الوجدان بأغنية “أمي جنة”. لم تكن مجرد لحظة موسيقية، بل لحظة إنسانية تجلّت فيها دموع الأمهات، وحنين الأبناء، وتوق الذاكرة إلى الجذور.
ولأن الجسمي لا يرضى بأن يكون ضيفًا عابرًا، أهدى المغاربة لحظة استثنائية وهو يؤدي الأغنية التراثية “هَيّا هَيّا.. جايه تصفار وتخضار”. كان المشهد أشبه باحتفال وطني مصغّر، حيث تماهى صوت الخليج مع روح الأطلس، وتحوّلت المنصة إلى ساحة عشق مشتركة بين ضفتي العرب.
الجسمي، الذي تجاوز كونه فنانًا ليصبح رمزًا للإنسانية والتقارب الثقافي، قال في كلمته أمام الجماهير:
“المغرب دائمًا له مكانة دافئة وخاصة في قلبي، وجمهوره لا يشبه أي جمهور آخر… علاقتي بكم علاقة عمر ومشاعر صادقة.”
عبارة صادقة لم تكن بحاجة إلى موسيقى لتُلامس القلوب، فالجسمي، بصوته وكلماته، يعرف كيف يكون قريبًا من الناس، بل ومن أرواحهم.
الحفل، الذي حضره نجوم إعلام وفن وشخصيات من المغرب والخليج، لم يكن مجرد محطة فنية، بل وثيقة وجدانية تُضاف إلى ذاكرة مهرجان Casablanca Music Week، الذي أثبت مرة أخرى قدرته على استقطاب الأسماء اللامعة وصناعة لحظات خالدة.
إن ما يميّز حسين الجسمي ليس فقط صوته العذب، بل صدقه العاطفي، واتساع قلبه العربي. هو فنان ينتمي لكل بيت، وكل مدينة، وكل وجع وأمل. وحين يغني، لا ينقل كلمات فقط، بل ينقل حياة كاملة من التفاصيل والمشاعر.
هكذا، ومن قلب الدار البيضاء، رسم الجسمي بُعدًا جديدًا للعلاقة بين الفنان وجمهوره، مؤكدًا أن الموسيقى ليست فنًا وحسب، بل وطنٌ يُسافر فيه الجميع دون جواز، ويعودون منه أكثر دفئًا وإنسانية.
بقلم: رضا بناني