تعليق على فايسبوك يقود صاحبه إلى السجن لمدة 7 سنوات بتهمة التحريض على العنف

Heure du journal

في حادثة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والإعلامية، أدت تعليقات بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حكم قضائي قضى بسجن شخص لمدة سبع سنوات بتهمة التحريض على العنف. الحادثة التي وقع فيها هذا الحكم هي تعليق نشره شخص على موقع فايسبوك، حيث علق على فيديو نشره الناشط الثقافي أحمد عصيد يتحدث فيه عن موضوع الميراث، لكن التعليق جاء صادراً بعبارة تحمل تهديداً صريحاً تتضمن كلمة “هذا خاصو الذبح”. تلك العبارة التي اعتُبرت من قبل السلطات الأمنية تحريضاً على العنف ودعوة إلى القتل، وهو ما أدى إلى اعتقال صاحب التعليق وإحالته للمحاكمة.

 

المحامي عبد الرحمان الباقوري الذي نشر تفاصيل القضية على حسابه الشخصي في فايسبوك، أكد أن القضية وصلت إلى مرحلة التحقيق بعد أن تفاعلت الشرطة بشكل سريع مع التعليق، وتم تحديد هوية الشخص المعتقل. تم نقله إلى المحكمة المختصة في جرائم الإرهاب، ليصدر بحقّه حكم بالسجن النافذ لمدة سبع سنوات. المحكمة اعتبرت أن العبارة التي كتبها الشخص تحمل تهديداً صريحاً، وأن هذا النوع من التصريحات يشكل تحريضاً على العنف، خاصة في سياق القضايا الحساسة التي قد تثير الانقسام الاجتماعي، مثل الميراث في المجتمعات التي تتسم بتنوع ديني وثقافي.

 

الحكم القضائي أثار الكثير من ردود الفعل المتباينة بين الأفراد والجماعات المهتمة بالقضايا القانونية وحقوق الإنسان. من جانب، كان هناك من أيد الحكم معتبرين إياه قراراً حازماً في مواجهة أي محاولة لتحريض على العنف أو التحريض ضد الأفراد أو الجماعات. في هذا السياق، رأى هؤلاء أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصات يمكن أن يُستخدم فيها خطاب الكراهية بشكل مستمر، وبالتالي فإن التصدي لمثل هذه التصرفات ضروري من أجل الحفاظ على النظام الاجتماعي وضمان حماية الأفراد من العنف اللفظي والجسدي. وكان هؤلاء يرون أن الحكم بمثابة ردع لكل من يفكر في استخدام الإنترنت لنشر مثل هذه العبارات التي قد تضر بالآخرين أو تثير الفتن في المجتمع.

 

من ناحية أخرى، انتقد البعض الآخر الحكم، معتبرين إياه مبالغاً فيه وغير متناسب مع طبيعة الجريمة المرتكبة. هؤلاء أشاروا إلى أن الشخص كان يعبر عن رأيه بطريقة غير لائقة، إلا أن العقوبة التي نزلت عليه قد تكون قاسية بالنسبة لدرجة الخطورة التي تمثلها العبارة التي كتبها. وفقاً لهذا الرأي، كان يجب أن يكون الحكم أكثر تسامحاً، خاصة وأن الشخص لم يُبدِ أي نية حقيقية للإضرار بالآخرين. كما تساءل هؤلاء عن مدى حرية التعبير في العصر الرقمي، وهل يمكن للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أن تُعتبر منابر حرّة لتبادل الآراء دون أن يُتعرّض الشخص الذي يعبر عن رأيه لأي نوع من العقوبات السلبية المبالغ فيها.

 

الأمر الذي يزيد من تعقيد القضية هو ما تطرحه من تساؤلات حول حدود حرية التعبير في الفضاء الرقمي. هل يُمكن للمستخدمين التعبير عن آرائهم بحرية على الإنترنت حتى وإن كانت آراؤهم قد تكون غير لائقة أو حتى محرضة على العنف؟ أم يجب فرض ضوابط صارمة على ما يُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي لحماية الأفراد والمجتمع من التطرف والعنف؟ هذه الأسئلة أصبحت أكثر تعقيداً في زمن تنامى فيه استخدام الإنترنت بشكل واسع، ما يجعل من الضروري تطوير تشريعات جديدة تواكب هذه التغيرات.

 

إضافة إلى ذلك، يبرز في هذه القضية أهمية فهم تأثير التعبير على الإنترنت في تشكيل الرأي العام. مواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وتويتر وإنستغرام أصبحت منصات رئيسية يعبّر من خلالها الناس عن آرائهم في مختلف القضايا السياسية والاجتماعية. وبينما يمكن أن تكون هذه المنصات مكاناً للحوار والتواصل الإيجابي، فإنها أيضاً تُستخدم لنشر التحريض والكراهية، مما يضع الحكومات أمام تحديات كبيرة في كيفية موازنة حرية التعبير مع حماية الأفراد والمجتمعات من الأضرار المحتملة التي قد تنجم عن بعض التصريحات.

 

في الختام، تظل هذه القضية مثالاً واضحاً على التحديات التي تواجه الأنظمة القانونية في التعامل مع الجرائم المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي. في الوقت الذي يجب فيه الحفاظ على حرية التعبير، يبقى من الضروري أن تكون هناك آليات واضحة لحماية الأفراد من العنف اللفظي والتحريض، مع ضمان أن لا تُستخدم هذه التشريعات لقمع الآراء النقدية أو المختلفة.