صاحب فيلا بحي أكدال يشترط تخليد إرث عائلته قبل هدم منزله لتوسعة ملعب البريد
Heure du journal - خالد وجنا
حي أكدال بالعاصمة الرباط، برزت قضية توسعة ملعب البريد كواحدة من المواضيع التي أثارت اهتمام الرأي العام، خاصة بسبب العقبات التي تواجه تنفيذ المشروع. من بين أبرز القضايا التي أثارت الجدل، تَمَسُّك صاحب فيلا تقع في مسار التوسعة بشروط وصفها بأنها “رمزية” قبل السماح بهدم منزله. هذه الفيلا ليست مجرد عقار بالنسبة لصاحبها، بل تمثل إرثًا عائليًا يمتد عبر عقود، مما أضفى بعدًا عاطفيًا وثقافيًا على الموضوع.
وفقًا لمصادر مطلعة على تفاصيل القضية، فإن مالك الفيلا لم يبدِ أي اعتراض على المشروع من حيث المبدأ، لكنه اشترط شروطًا تتعلق بتخليد ذكرى أسرته ومكانتها في المنطقة. من بين هذه الشروط، تسمية المدخل الجنوبي للملعب باسم عائلته، إلى جانب وضع لافتات تذكارية في الموقع تحمل معلومات عن الفيلا وتاريخها. هذه المطالب لا تنطوي على أي مكاسب مادية مباشرة، بل تهدف إلى احترام الذاكرة العائلية المرتبطة بالمنطقة.
ملعب البريد يُعتبر أحد المشاريع الرياضية الكبرى التي يجري تنفيذها في مدينة الرباط، ويُتوقع أن يتحول إلى منشأة رياضية متكاملة بفضل خطة إعادة التأهيل التي تشمل توسعته لتصل طاقته الاستيعابية إلى 15 ألف متفرج. هذا المشروع يُعد جزءًا من استعدادات المغرب لاستضافة أحداث رياضية كبرى، من بينها كأس أمم إفريقيا 2025 ونهائيات كأس العالم 2030، التي سيشترك المغرب في تنظيمها مع إسبانيا والبرتغال. ومع هذه الاستعدادات، يسعى المغرب إلى تعزيز بنيته التحتية الرياضية وتحديثها لتتوافق مع المعايير الدولية.
تتطلب عملية تطوير الملعب استثمارات تُقدر بمليار و800 مليون سنتيم، وتشمل عدة مراحل، بدءًا من تحسين المرافق الأساسية وصولاً إلى إنشاء مساحات جديدة تُتيح استضافة تدريبات المنتخبات الدولية ومباريات كبيرة. هذه الخطوات تأتي ضمن رؤية أشمل لتعزيز مكانة المغرب كوجهة رياضية عالمية وتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية من استضافة البطولات الكبرى.
في ظل هذه التحضيرات، برزت قضية الفيلا كمثال على التحديات التي تواجه تنفيذ المشاريع الكبرى في المدن، خصوصًا في الأحياء التي تتميز بتداخلها العمراني والتاريخي. صاحب الفيلا، الذي يرفض هدم منزله دون تحقيق مطالبه الرمزية، يُعد نموذجًا للمواطنين الذين يرون في ممتلكاتهم أكثر من مجرد عقارات، بل ذاكرة جماعية تجسد قصص عائلاتهم وتراثهم الثقافي.
رغم أن المشروع الرياضي يحظى بدعم واسع من الجهات الرسمية والجمهور الرياضي، إلا أن الجدل حول الفيلا يسلط الضوء على التوازن الدقيق الذي يجب تحقيقه بين التنمية واحترام التراث. فبينما تسعى الحكومة إلى تطوير البنية التحتية وجعل الرباط مركزًا رياضيًا عالميًا، يتعين عليها أيضًا مراعاة الجوانب الإنسانية والثقافية المتعلقة بالمشاريع التنموية.
هذا النقاش يفتح الباب أمام أسئلة أعمق حول كيفية التعامل مع إرث الأحياء التاريخية عند تنفيذ مشاريع التحديث. هل يكفي تعويض المتضررين ماديًا أم ينبغي تقديم حلول إبداعية تُرضي جميع الأطراف؟ في حالة الفيلا بحي أكدال، يظهر أن الحلول الرمزية التي اقترحها مالكها قد تكون نموذجًا يُحتذى به، حيث لا تقتصر على تحقيق أهداف المشروع، بل تحترم أيضًا العلاقة العاطفية والثقافية التي تربط السكان بممتلكاتهم.
من جهة أخرى، يُتوقع أن تستمر هذه القضية في إثارة النقاش، خاصة مع اقتراب موعد تنفيذ مشروع التوسعة. الجمهور الذي يترقب بفارغ الصبر تحديث ملعب البريد وتحويله إلى منشأة رياضية بمعايير عالمية، قد يجد نفسه في مواجهة أسئلة أخلاقية وثقافية تتعلق بكيفية تحقيق التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف. هذا التحدي يبرز في مدينة الرباط، التي تسعى للحفاظ على هويتها الثقافية والتراثية بينما تمضي قدمًا نحو مستقبل حديث ومزدهر.