بعد القرار الملكي الذي دعا إلى عدم ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لهذه السنة، شهدت أسواق الماشية في جهة الشرق انخفاضًا غير مسبوق في أسعار الأغنام، مما أدى إلى حالة من الإحباط والقلق في صفوف المربين. سوق عين بني مطهر، وهو أحد أكبر الأسواق الأسبوعية في الجهة، أصبح مسرحًا لمشهد يعكس حجم الأزمة، حيث انخفضت الأسعار بنحو 50%، ما جعل العديد من المربين يعانون من خسائر فادحة قد تهدد مستقبلهم المهني والاجتماعي.
رغم أن القرار الملكي جاء استجابة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب بسبب الجفاف وارتفاع تكاليف المعيشة، إلا أن العديد من المربين وجدوا أنفسهم في وضع لا يُحسدون عليه. فقد كانوا يعولون على موسم عيد الأضحى لتعويض خسائرهم السنوية، إذ يمثل هذا العيد أهم فترة لتحقيق المداخيل في قطاع تربية الأغنام. ومع انهيار الأسعار، أصبح بيع الماشية بالكاد يغطي تكاليف الإنتاج، مما دفع البعض إلى التفكير في التخلي عن هذا النشاط الذي توارثوه عبر الأجيال.
في تصريحات لعدد من المربين، أجمعوا على أن وزارة الفلاحة لم تتفاعل بالشكل المطلوب مع هذه الأزمة، حيث لم تقدم أي حلول ملموسة لدعمهم في مواجهة هذا الوضع الاستثنائي. كما انتقدوا سياسة استيراد الأغنام من الخارج، خاصة من إسبانيا والبرتغال، معتبرين أنها تسببت في إغراق السوق وتفاقم الأزمة. فبحسب تصريحاتهم، حصل المستوردون على دعم حكومي بلغ 500 درهم لكل رأس غنم مستورد، بينما تم بيع هذه الأغنام بأسعار مرتفعة وصلت إلى 4000 درهم، ما جعل المنافسة غير متكافئة وألحق ضررًا بالغًا بالكسابة المحليين.
التحديات التي يواجهها المربون لا تقتصر فقط على انخفاض الأسعار، بل تشمل أيضًا ارتفاع تكاليف العلف بسبب توالي سنوات الجفاف وندرة المراعي الطبيعية. فكثير من المربين اضطروا لشراء الأعلاف بأسعار مرتفعة، وهو ما زاد من أعبائهم المالية، خاصة في ظل غياب دعم كافٍ من الجهات المعنية. كما أن العديد من الأسر القروية التي تعتمد على تربية الأغنام وجدت نفسها في وضع صعب، حيث اضطر بعض الأبناء إلى ترك مقاعد الدراسة لمساعدة عائلاتهم في رعاية الماشية أو البحث عن مصادر دخل أخرى.
أمام هذا الوضع، يطالب المربون بتدخل عاجل من الدولة لإنقاذ قطاع تربية الأغنام، من خلال إطلاق برامج دعم مباشر تشمل تعويضات مالية للمربين المتضررين، إضافة إلى اتخاذ إجراءات للحد من تدفق اللحوم المستوردة التي تؤثر سلبًا على السوق المحلية. كما اقترح بعضهم تصدير جزء من القطيع الوطني إلى دول أخرى لتخفيف الضغط على السوق الداخلية وإنقاذ الأسعار من مزيد من التراجع.
من جهة أخرى، شكك بعض المربين في الإحصائيات الرسمية المتعلقة بعدد رؤوس الأغنام في البلاد، مشيرين إلى أن الأرقام التي تقدمها الجهات المختصة لا تعكس الواقع الفعلي، وهو ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير ملائمة تزيد من تفاقم الأزمة. وطالبوا بإعادة النظر في منهجية الإحصاء واعتماد بيانات أكثر دقة لضمان سياسات فلاحية أكثر إنصافًا وفعالية.
في ظل استمرار الأزمة، يحذر المربون من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار كامل للقطاع في جهة الشرق، ما سيؤثر ليس فقط على المربين، ولكن أيضًا على الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على تربية المواشي. ومع غياب أي رد فعل رسمي حتى الآن، يبقى الأمل معلقًا على تدخل سريع من الحكومة قبل أن تتفاقم الأمور أكثر، مما قد يجعل تداعياتها غير قابلة للإصلاح في المستقبل القريب.