
الملك محمد السادس: سبع تحديات رئيسية أمام تفعيل ورش الجهوية المتقدمة
في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة التي تحتضنها مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر 2024، دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة وضع خارطة طريق واضحة المعالم ومتوافق عليها لتمكين تنزيل ورش الجهوية المتقدمة في المرحلة المقبلة. وأكد الملك على ضرورة مواصلة الجهود لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي يطرحها هذا الورش الهام، مشيرًا إلى أهمية العمل على تحقيق أهدافه بما يتماشى مع مقتضيات دستور المملكة.
الملك محمد السادس سلط الضوء في رسالته على سبع تحديات رئيسية تواجه تنفيذ ورش الجهوية المتقدمة، بدءًا من الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وصولًا إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية في تدبير الشأن المحلي. وقد أبرز الملك التأخر الذي تشهده غالبية القطاعات الوزارية في تفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، خاصة في ما يتعلق بالاختصاصات ذات الأولوية في مجالات الاستثمار. وحذر الملك من أن التأخير في نقل هذه الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة قد يعقد الإجراءات الإدارية للاستثمار، ما ينعكس سلبًا على مناخ الأعمال في البلاد.
فيما يتعلق بتحدي تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية، أكد الملك محمد السادس على أنه يعد من الشروط الأساسية لنجاح ورش الجهوية المتقدمة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. وأشار إلى أن هذا الهدف لم يتحقق بالشكل المطلوب رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، داعيًا إلى اعتماد مقاربة شاملة تشارك فيها القطاعات الوزارية والجماعات الترابية لتحقيق الأهداف المنشودة.
أما في ما يخص تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستوى الجهوي والمحلي، فقد أكد الملك على أهمية إشراك المواطنين وجمعيات المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ ومراقبة السياسات العمومية. وقد شدد على ضرورة أن تساهم المجالس المنتخبة في هذا المسار من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من تطوير وتفعيل السياسات العمومية.
وفي ما يتعلق بتحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة، أشار الملك إلى أن الجماعات الترابية قادرة على كسب رهان التنمية من خلال إقرار آليات فعالة للحكامة والديمقراطية. وأكد على أهمية تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، وتطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة وفقًا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
تحدي الارتقاء بجاذبية المجالات الترابية كان أيضًا من النقاط التي تناولها الملك، حيث شدد على ضرورة أن تعمل الجهات على استثمار إمكاناتها الطبيعية والثقافية لتعزيز جاذبيتها وجذب الاستثمارات المنتجة. وأكد أن هذا يتطلب استراتيجية شاملة تشمل تحسين بيئة الأعمال وتطوير البنية التحتية وتوفير اليد العاملة المؤهلة، بالإضافة إلى تحفيزات ملائمة من القطاعين العام والخاص.
أما بالنسبة للتحدي المتعلق بالتمويلات، فقد أشار الملك محمد السادس إلى أن التمويلات التقليدية لم تعد كافية لمواجهة التحديات المتزايدة. وأكد على ضرورة البحث عن آليات تمويلية جديدة لتخفيف الضغط المالي على الجهات، داعيًا إلى تطوير النموذج الجديد للميزانية المحلية الذي يضمن النجاعة، والانفتاح على أنماط تمويل مبتكرة.
وأخيرًا، تناول الملك التحدي المرتبط بالتصدي للأزمات والتكيف مع التحولات المستقبلية. وقال إن الجهات قد تواجه تهديدات متنوعة، سواء كانت طبيعية أو اقتصادية أو بيئية، وقد تؤثر هذه التحديات في الجهود التنموية إذا لم يتم التصدي لها بفعالية وفي الوقت المناسب. ودعا الملك الجهات إلى تعزيز قدرتها على الاستباق والتكيف مع هذه التحولات بدل التمسك ببرامج عمل جامدة، مشددًا على ضرورة أن تتبنى الجهات سياسات مرنة وقادرة على التكيف مع المتغيرات.
بهذه الرسالة السامية، يواصل الملك محمد السادس دعوته لتفعيل الجهوية المتقدمة كآلية أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية المحلية، مع التأكيد على أهمية التنسيق بين مختلف الفاعلين في الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق هذه الأهداف.