المغرب يعتزم تصنيع دواء للأطفال مستخرج من القنب الهندي لعلاج أمراض الرياح الموسمية

Heure du journal

في خطوة تعكس توجه المغرب نحو استغلال الإمكانيات الطبية للقنب الهندي في تطوير العلاجات، تم الإعلان عن اتفاق يجمع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، وكلية الطب والصيدلة، والمستشفى الجامعي بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، بهدف تصنيع دواء مخصص للأطفال مستخرج من القنب الهندي. هذه المبادرة تأتي في إطار سياسة وطنية تسعى إلى إدماج القنب الهندي في الاستخدامات الطبية والعلاجية بشكل قانوني ومنظم، وفق القوانين المغربية المعتمدة.

 

الدواء الجديد سيتم تصنيعه باستخدام المواد غير المخدرة المستخرجة من نبتة القنب الهندي، ويستهدف علاج أمراض الرياح الموسمية عند الأطفال الذين لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية المتوفرة حاليًا. هذه الأمراض التي تؤثر على الجهاز التنفسي للأطفال، غالبًا ما تتفاقم في فصول معينة، وتحتاج إلى تدخلات علاجية فعالة. ومن المتوقع أن يكون الدواء جاهزًا خلال سنتين، أي في أفق عام 2027، بعد استكمال الدراسات السريرية والتجارب اللازمة لضمان فعاليته وسلامته.

 

المغرب خطا خطوات متقدمة في مجال تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، منذ المصادقة على القانون 13.21، الذي يهدف إلى تنظيم زراعة القنب الهندي واستعمالاته الطبية والصناعية. كما وضعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إطارًا قانونيًا دقيقًا عبر دوريات وزارية تحدد شروط تسجيل الأدوية المصنوعة من القنب الهندي للاستعمال البشري. هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان أن الأدوية المستخرجة من القنب الهندي تخضع لمعايير علمية وصيدلانية صارمة، بما يضمن سلامة المرضى وفعالية العلاجات.

 

وفقًا للدورية الوزارية، فإن الأدوية التي تحتوي على نسبة من “رباعي هيدروكانابينول” (THC)، وهي المادة الفعالة ذات التأثير النفسي في القنب الهندي، ستخضع لمعايير خاصة، خاصة إذا تجاوزت النسبة 1%. لذلك، سيتم معالجة هذه المادة وفق إجراءات صيدلانية دقيقة لضمان استخدامها في الأدوية بشكل آمن وخالٍ من التأثيرات المخدرة.

 

من الناحية التقنية، سيتم استخراج المركبات الفعالة من القنب الهندي باستخدام تقنية التركيز على أجزاء معينة من النبتة، مثل الأوراق والجذور، لضمان استخلاص المواد النشطة مع تقليل أي آثار جانبية محتملة. كما ستخضع عملية تطوير وترخيص الدواء لمقتضيات المرسوم 2-14-841، الذي ينظم الإذن بالوضع في السوق للأدوية ذات الاستعمال البشري.

 

هذا المشروع يعكس اهتمام المغرب المتزايد بالاستفادة من الإمكانات العلاجية للقنب الهندي، وهو توجه يتماشى مع التطورات العالمية في هذا المجال. العديد من الدراسات العلمية أكدت أن مركبات القنب الهندي، وخاصة الكانابيديول (CBD)، تمتلك خصائص مضادة للالتهابات والتشنجات، وتستخدم حاليًا في بعض الدول لعلاج أمراض مثل الصرع والتصلب اللويحي المزمن.

 

إدراج المغرب ضمن الدول التي تستثمر في الصناعات الصيدلانية المستندة إلى القنب الهندي يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية كبيرة، سواء من خلال تطوير صناعة محلية قائمة على الأبحاث الطبية، أو من خلال تصدير المنتجات الطبية المستخلصة من القنب الهندي إلى الأسواق الدولية.

 

الخبراء المغاربة الذين يشرفون على هذا المشروع ينتمون إلى مجالات الطب والصيدلة والأبحاث العلمية، مما يعزز من موثوقية الدواء الجديد ويضمن التزامه بالمعايير الصحية العالمية. كما أن التعاون بين الوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي والمؤسسات الأكاديمية والطبية يضمن أن المشروع يتم في إطار علمي صارم.

 

المغرب يسعى إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقت في هذا المجال، مثل كندا وألمانيا وهولندا، حيث أصبحت الأدوية المستخلصة من القنب الهندي جزءًا من البروتوكولات العلاجية لبعض الأمراض المزمنة. وبالرغم من أن استخدام القنب الهندي للأغراض الترفيهية لا يزال محظورًا في المغرب، إلا أن استخدامه الطبي والصيدلاني أصبح يحظى بقبول متزايد في الأوساط العلمية والطبية.

 

المشروع يمثل خطوة نوعية في مجال الصناعات الدوائية في المغرب، ومن شأنه أن يعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي لتطوير العلاجات المبتكرة. كما أنه يفتح المجال أمام استثمارات جديدة في قطاع الأدوية، ويدعم توجه المغرب نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض العلاجات الطبية.

 

بالنظر إلى التحديات الصحية التي تواجهها العديد من الأسر المغربية، خاصة فيما يتعلق بعلاج الأمراض المزمنة لدى الأطفال، فإن هذا الدواء الجديد قد يشكل بارقة أمل للأسر التي لم تجد بدائل علاجية فعالة لأطفالها. ومع استمرار الأبحاث والتجارب، يمكن أن يمثل هذا المشروع نموذجًا لكيفية تسخير الإمكانات الطبيعية في تطوير حلول طبية متقدمة.