المغرب يستضيف الدورة 24 لمؤتمر وزراء الثقافة العرب: تعزيز التعاون الثقافي ومواجهة تحديات الرقمنة

HEURE DU JOURNAL - خالد وجنا

استضاف المغرب في العاصمة الرباط الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر وزراء الثقافة العرب، وهو الحدث الذي جمع عدداً كبيراً من وزراء ومسؤولي الشؤون الثقافية من مختلف الدول العربية لمناقشة التحديات والفرص التي تواجه المشهد الثقافي العربي في ظل التحولات العالمية. وترأس وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد، هذه الدورة، حيث أجرى سلسلة من اللقاءات الثنائية مع نظرائه العرب، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون الثقافي وتبادل الخبرات في مختلف المجالات المتعلقة بالثقافة والتراث.

وذكر بلاغ صادر عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل أن الوزير بنسعيد التقى خلال هذه المناسبة بوزراء الثقافة من عدة دول عربية، منها جمهورية لبنان، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية السودان، ودولة ليبيا، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وجمهورية جيبوتي. كما شملت اللقاءات مسؤولين ثقافيين بارزين، مثل مدير عام الثقافة في جمهورية العراق والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة في دولة الكويت. وشكلت هذه الاجتماعات فرصة للتأكيد على متانة العلاقات الثنائية بين الدول العربية والمملكة المغربية، إلى جانب مناقشة سبل تعزيز التعاون الثقافي والتنسيق في المحافل الإقليمية والدولية.

وأبرز الوزير بنسعيد خلال هذه اللقاءات التزام المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، بدعم العمل العربي المشترك وتعزيز التعاون متعدد الأطراف في إطار رؤية استراتيجية شاملة. وأكد أن المملكة المغربية تنظر إلى الثقافة كركيزة أساسية في تعزيز الهوية العربية المشتركة ومواجهة التحديات المعاصرة. كما أشار إلى أن المغرب، بما يمتلكه من إرث ثقافي غني وتجربة رائدة في إدارة التنوع الثقافي، يسعى إلى تبادل الخبرات مع الدول الشقيقة لتعزيز الجهود الرامية إلى تطوير المشهد الثقافي العربي.

وقد تناولت اللقاءات الثنائية مجموعة واسعة من القضايا الثقافية ذات الاهتمام المشترك، من بينها التبادل الثقافي بين الدول العربية، وحماية التراث الثقافي، والاستفادة من التكنولوجيا والابتكار في تطوير القطاع الثقافي. كما تطرقت المناقشات إلى أهمية التنسيق بين الدول العربية في المحافل الدولية ذات الصلة بالثقافة، بهدف توحيد المواقف وتعزيز الحضور العربي على الساحة العالمية.

وجاء انعقاد الدورة الرابعة والعشرين للمؤتمر في سياق دولي وإقليمي يشهد تطورات متسارعة على صعيد التكنولوجيا والرقمنة، ما يفرض على الدول العربية التفكير بشكل جماعي في كيفية توظيف هذه التحولات لصالح تعزيز الهوية الثقافية وحماية التراث. وقد توجت أعمال المؤتمر بتوصيات هامة تهدف إلى تطوير العمل الثقافي العربي في ظل تحديات الرقمنة والذكاء الاصطناعي. ومن أبرز هذه التوصيات تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في حفظ التراث ونشر الثقافة، بالإضافة إلى العمل على برامج مشتركة لتدريب الكفاءات الشابة في هذا المجال.

كما ناقش المؤتمر الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالعديد من الدول العربية. وتم التأكيد على أهمية تعزيز الاستثمار في القطاع الثقافي كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن تعزيز الحوار الثقافي بين الدول العربية والإسهام في بناء جسور تفاهم مع بقية دول العالم.

ويعتبر انعقاد هذا المؤتمر في المغرب انعكاسًا لالتزام المملكة بالعمل العربي المشترك، وحرصها على توفير فضاء للنقاش وتبادل الرؤى حول القضايا الثقافية التي تهم العالم العربي. ويأتي هذا الحدث في وقت باتت فيه الثقافة أحد المكونات الأساسية للتنمية والاستقرار في المنطقة، ما يضع على عاتق الدول العربية مسؤولية كبرى في الحفاظ على تراثها الغني والعمل على تطويره بما يتماشى مع متطلبات العصر.

في الختام، يمكن القول إن الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر وزراء الثقافة العرب شكلت محطة بارزة في مسيرة التعاون الثقافي العربي. ومن شأن التوصيات التي خرج بها المؤتمر أن تسهم في رسم خارطة طريق لتعزيز العمل الثقافي المشترك، بما يضمن حماية الهوية الثقافية العربية وتطويرها، ومواجهة التحديات التي تفرضها التكنولوجيا والعولمة، وتكريس الثقافة كعنصر أساسي في تعزيز وحدة الشعوب العربية وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل.