
شراكة بين وزارة التربية ومؤسسة رونو المغرب لتعزيز إدماج التكنولوجيا في التعليم
في إطار سعي المملكة المغربية نحو تعزيز التعليم وربطه بمتطلبات العصر الرقمي وسوق العمل، شهدت العاصمة الرباط توقيع اتفاقية شراكة هامة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومؤسسة رونو المغرب. الاتفاقية، التي جرت مراسم توقيعها يوم الخميس، تأتي في إطار برنامج “P-TECH” (Pathways in Technology Early College High School) الذي يهدف إلى تطوير المهارات التكنولوجية للشباب وتعزيز إدماج التكنولوجيا في النظام التعليمي.
حضر حفل التوقيع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة، والمدير العام لمجموعة رونو المغرب ورئيس مؤسسة رونو المغرب محمد بشيري، إلى جانب ممثلي شركة IBM المغرب وجمعية الجسر. وتأتي هذه الاتفاقية تماشياً مع أحكام القانون الإطار 51.17 وخارطة الطريق 2022-2026 التي وضعتها الوزارة بهدف تحسين جودة التعليم ودعم التحول الرقمي، خاصة من خلال تعزيز العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
البرنامج الذي استُحدث لأول مرة في المغرب بشكل تجريبي عام 2017 بشراكة مع IBM المغرب، يستهدف الآن توسيع نطاقه ليشمل الثانوية التقنية القصر الصغير بمديرية الفحص أنجرة، التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان الحسيمة. يركز البرنامج على توفير تعليم يربط بين النظرية والتطبيق، ما يتيح للتلاميذ اكتساب مهارات تتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغيرة، خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات وصناعة السيارات.
وأوضحت وزارة التربية الوطنية، في بلاغ صادر عنها، أن هذه الشراكة تعكس التزام المملكة بتطوير النظام التعليمي وفتح آفاق جديدة أمام الشباب المغربي. كما تهدف إلى ضمان التعليم المنصف والجيد في مختلف مناطق المغرب، لا سيما المناطق القروية التي تعاني من محدودية الفرص التعليمية مقارنة بالمناطق الحضرية.
النتائج المحققة خلال المرحلة التجريبية للبرنامج كانت مشجعة للغاية. فقد شهدت ثانوية ابن غزالة بعين السبع، التي احتضنت البرنامج منذ انطلاقه، نسب نجاح مرتفعة في امتحانات البكالوريا، بلغت 84% عام 2023 وارتفعت إلى 98.85% عام 2024. كما أظهرت النتائج تميزاً ملحوظاً لخريجي الأقسام التحضيرية لنيل شهادة التقني العالي، حيث حققوا المراتب الأولى على المستوى الوطني. هذه الأرقام تعكس جودة التكوين الذي يوفره البرنامج وفعالية المقاربة التي يتبناها في إعداد التلاميذ لامتحاناتهم ومساعدتهم على الانتقال إلى مراحل تعليمية أعلى.
وتتميز هذه المبادرة بتعاونها مع جهات فاعلة في القطاع الصناعي، مثل مؤسسة رونو المغرب، التي أكدت التزامها بدعم التعليم في المغرب كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية. يهدف هذا الدعم إلى سد الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل، مما يعزز من فرص الشباب المغربي في الحصول على وظائف تليق بطموحاتهم وتتماشى مع الكفاءات التي اكتسبوها خلال فترة تعليمهم.
برنامج P-TECH لا يقتصر على تحسين الأداء التعليمي فحسب، بل يسعى أيضاً إلى إحداث تحول نوعي في نظرة الشباب المغربي للتعليم، من خلال إدماج التكنولوجيا كجزء لا يتجزأ من العملية التعليمية. التعليم الرقمي، الذي أصبح أولوية عالمية، يوفر فرصاً متساوية للجميع للوصول إلى موارد تعليمية متقدمة، ويساهم في بناء جيل قادر على التفاعل مع التطورات التقنية الحديثة.
الاتفاقية التي وُقعت اليوم تُعتبر خطوة جديدة نحو تحقيق رؤية استراتيجية تستهدف توسيع نطاق التعليم الرقمي وتوفير فرص متكافئة لجميع الفئات. هذا التعاون بين القطاعين العام والخاص يعكس أهمية تكامل الجهود لتطوير نظام تعليمي يواكب العصر، ويضمن استدامة التحولات الإيجابية في قطاع التعليم بالمغرب.
يطمح البرنامج إلى توسيع شبكته لتشمل مزيداً من المؤسسات التعليمية، مما يعزز فرص الشباب في مختلف جهات المملكة للاستفادة من تعليم تقني متميز. هذا التوسع سيتيح استدامة المشروع على المدى الطويل، كما سيخلق جيلاً من الكفاءات القادرة على الاندماج في السوق المحلية والدولية بكفاءة عالية.
ختاماً، تعكس هذه الاتفاقية رؤية مشتركة لمستقبل التعليم في المغرب، حيث التكنولوجيا ليست مجرد أداة تعليمية، بل وسيلة لتحفيز الإبداع وبناء مستقبل أفضل. في ظل هذه الجهود المشتركة، يُتوقع أن يشهد التعليم المغربي نقلة نوعية، تجعل منه نموذجاً يحتذى به في دول المنطقة.