دولي

إغلاق مفاجئ للمركز الثقافي الإسلامي في دبلن وسط اتهامات بتدخل إماراتي

أغلقت إدارة المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة الإيرلندية دبلن أبواب المسجد والمدرسة التابعة له “حتى إشعار آخر”، في خطوة أثارت صدمة واسعة وقلقًا عميقًا بين أفراد الجالية المسلمة في البلاد، خاصة وأن المركز يُعد من أبرز المراكز الدينية والتعليمية للمسلمين في أيرلندا. القرار، الذي أُعلن عنه عبر بيان مقتضب عُلّق على بوابات المركز، جاء بعد أيام من تصاعد التوترات الداخلية التي شهدت اشتباكات كلامية حادة ومشادات علنية بين أفراد محسوبين على الإدارة الحالية وبعض المرتادين، وسط ما وُصف بمحاولات متزايدة للسيطرة على المؤسسة من طرف جهات خارجية.

وبحسب مصادر داخل الجالية، فإن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى تدخلات متنامية من جهات قريبة من دولة الإمارات العربية المتحدة، يُعتقد أنها تسعى إلى توجيه أنشطة المركز وفق أجندة أمنية واستخباراتية ناعمة تستهدف التأثير على بنية المؤسسات الإسلامية في أوروبا. وتتهم أطراف داخل المجتمع الإسلامي في دبلن هذه الجهات بمحاولة تحييد أصوات معارضة، والضغط على قيادات دينية مستقلة، بما يفرغ المؤسسات الإسلامية من استقلاليتها ويحولها إلى منصات تابعة لجهات سياسية لا تعبّر عن مصالح الجاليات.

المشهد الذي وقع داخل المسجد أمام أعين المصلين خلال الأيام الماضية، حيث تحوّلت خطب الجمعة وبعض التجمعات إلى ساحات جدل حاد وصراخ متبادل، كان كافيًا لقرع ناقوس الخطر لدى كثير من المسلمين في أيرلندا. فالأمر لم يعد يتعلق بخلاف إداري داخلي كما حاولت بعض الأطراف تصويره، بل بما يعتبره كثيرون محاولة منهجية لإعادة تشكيل المشهد الديني الإسلامي في أوروبا على مقاس أجهزة الأمن الخليجية، لا سيما الإماراتية، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العمل الإسلامي المستقل في المجتمعات الغربية.

المركز الثقافي الإسلامي في دبلن ليس مجرد مبنى للصلاة والتعليم، بل مؤسسة كانت تؤدي دورًا محوريًا في الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للمسلمين في أيرلندا، وتقديم الدعم الاجتماعي والتربوي لهم، لا سيما في ظل التحديات المتعددة التي تواجه الأقليات الدينية في الغرب. لذلك، فإن قرار إغلاقه المفاجئ، وفي هذا التوقيت الحساس، يعد ضربة قوية للعمل الإسلامي المستقر في أوروبا، وجرس إنذار للهيئات والمجتمعات التي لا تزال تتمسك بخيار الاستقلالية عن النفوذ السياسي الخارجي.

ردود الفعل على القرار جاءت سريعة من جهات عدة داخل الجالية، حيث أعرب العديد من الناشطين والدعاة عن قلقهم من أن تتحوّل هذه الحادثة إلى نموذج قابل للتكرار في مؤسسات أخرى، مطالبين بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول ما جرى، وتحديد الجهات التي تقف خلف التصعيد، مؤكدين في الوقت نفسه على أهمية حماية المؤسسات الإسلامية من التسييس والاختراق الخارجي. وبينما تلتزم إدارة المركز الصمت الرسمي، يبقى المستقبل غامضًا بالنسبة لآلاف المسلمين الذين اعتادوا التردد على المسجد والمدرسة، والذين يجدون أنفسهم اليوم بلا مرجعية دينية واجتماعية في بلد لا تزال فيه الجالية المسلمة تخوض معاركها اليومية من أجل الاعتراف والمساواة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى