مشاريع السكك الحديدية فائقة السرعة: السفير الصيني يشيد بتقدم المغرب وتوسيع شبكة النقل الحديثة

Heure du journal - خالد وجنا

في السنوات الأخيرة، أثبتت المملكة المغربية التزامها الكبير بتطوير بنيتها التحتية وتعزيز قدراتها في مجال النقل، ولا سيما في قطاع السكك الحديدية. هذا التوجه يأتي ضمن رؤية وطنية تهدف إلى جعل المغرب مركزًا إقليميًا للنقل الحديث والمستدام، بما يتماشى مع تطلعات التنمية المستدامة التي يتبناها الملك محمد السادس. في هذا السياق، تحدث السفير الصيني في الرباط، لي تشانغ لين، في مقال رأي نشره على موقع صحيفة الشعب اليومية الصينية، عن التطور الكبير الذي شهدته مشاريع السكك الحديدية في المغرب، مؤكداً أن هذه المشاريع دخلت مرحلة متقدمة من الإنجاز. وفقًا لتصريحات السفير، فإن خطة المغرب لتوسيع شبكة السكك الحديدية لتصل إلى 1500 كيلومتر بحلول عام 2035 تعكس طموحًا كبيرًا يعكس رؤية المملكة لتحقيق تحديث شامل للبنية التحتية في مختلف المجالات.

 

أحد أبرز المشاريع التي تم تنفيذها في هذا السياق هو مشروع الخط السككي فائق السرعة الذي يربط بين مدينتي طنجة والدار البيضاء. هذا الخط، المعروف باسم “البراق”، يعد من أبرز إنجازات المغرب في مجال النقل الحديث. منذ إطلاقه في عام 2018، أصبح “البراق” رمزًا للتقدم التكنولوجي والاقتصادي، حيث يُظهر كيف يمكن لتطوير بنية تحتية متقدمة أن يُسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى الحياة للمواطنين. لقد أصبح الخط فائق السرعة هذا وسيلة نقل فعالة تربط بين المدن الكبرى في المغرب، مما يسهم في تسهيل حركة المواطنين والسياح على حد سواء.

 

ومن الجدير بالذكر أن النجاح الذي حققه مشروع “البراق” لم يقتصر على توفير وسيلة نقل سريعة وفعالة فقط، بل أيضًا على تحسين البنية التحتية للمحطات نفسها. وفقًا للسفير الصيني، فإن محطات القطار فائق السرعة تتميز بتصميمات حديثة وتجهيزات تضاهي مطارات دولية. هذا المستوى العالي من الجودة والخدمة جعل من تجربة السفر عبر “البراق” تجربة مريحة وموثوقة، مما أسهم في زيادة عدد الركاب بشكل مستمر. في عام 2023، بلغ عدد مستخدمي هذا الخط حوالي 5 ملايين راكب، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 6 ملايين في عام 2025. وهذا يبرز الأثر الإيجابي لهذه المشاريع على حركة النقل السياحي والتجاري في المملكة.

 

إلى جانب الجانب التكنولوجي والتشغيلي، تطرق السفير إلى الآثار الاقتصادية لهذه المشاريع، مشيرًا إلى أنها أسهمت بشكل كبير في جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة النشاط السياحي في المغرب. ففي الوقت الذي يعزز فيه الخط فائق السرعة حركة الركاب، فإن تأثيره يمتد إلى جوانب أخرى من الاقتصاد الوطني، حيث يساهم في تحسين ربط المغرب بالعالم الخارجي، وبالتالي تعزيز قدرة البلاد على جذب الاستثمارات وتوسيع فرص النمو في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، أصبح “البراق” عنصرًا رئيسيًا في دعم قطاع السياحة، حيث يتيح للسياح التنقل بسرعة بين مدن المملكة الكبرى.

 

التعاون بين المغرب والصين في مجال السكك الحديدية بدأ منذ عام 2016، عندما تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات التي شملت مشاريع كبيرة في هذا القطاع. الشركات الصينية الكبرى مثل “الصين للهندسة الخارجية” و”هيدروتشاينا 5″ لعبت دورًا محوريًا في تنفيذ مشروع خط طنجة-القنيطرة. هذا التعاون لم يقتصر فقط على تنفيذ المشاريع، بل شمل أيضًا نقل التكنولوجيا الصينية المتطورة إلى المغرب وتدريب الكوادر المغربية، وهو ما ساهم في تطوير القدرات المحلية في هذا المجال. وقد أثبت هذا التعاون نجاحه الكبير، حيث أصبحت الشركات الصينية شريكًا أساسيًا في تنفيذ مشاريع جديدة مثل نفق السكك الحديدية في الرباط وخط مراكش-أكادير، ما يعزز من مكانة الصين كشريك استراتيجي للمغرب.

 

تحدث السفير الصيني أيضًا عن المشاريع المستقبلية التي ستمكن المغرب من الاستفادة من المزيد من التطورات في مجال السكك الحديدية. في ضوء استعداد المغرب لاستضافة مباريات كأس العالم 2030، من المتوقع أن تلعب هذه المشاريع دورًا كبيرًا في تسهيل التنقل بين المدن المستضيفة، مما يعزز تجربة الزوار ويعكس التزام المملكة بتحقيق نجاحات كبيرة على مستوى التنظيم والبنية التحتية. يعتزم المغرب في المستقبل أن ينفذ المزيد من المشاريع لتوسيع شبكة السكك الحديدية، بما في ذلك خط فائق السرعة يربط بين القنيطرة ومراكش، وهو ما يساهم في تحقيق الهدف الوطني بتوسيع شبكة النقل لتغطية مزيد من المناطق في البلاد.

 

يُظهر هذا التعاون المثمر بين الصين والمغرب نموذجًا يحتذى به في مجال التعاون الدولي، حيث يُمكن للدول النامية أن تستفيد من الشراكات الاستراتيجية لتعزيز بنيتها التحتية وتحقيق تطلعاتها التنموية. من خلال هذه المشاريع، يعكس المغرب التزامه بتحقيق التقدم والتنمية المستدامة في جميع مجالات الحياة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي. إن الشراكة مع الصين في هذا المجال تعكس الفائدة المتبادلة بين الدولتين، وتفتح آفاقًا واسعة لتعزيز التعاون في المستقبل، خاصة في ظل التوسع المستمر في مجال السكك الحديدية والتكنولوجيا المرتبطة بها.