علمت heure du journal من مصادر موثوقة من عدد من الجرائد المحلية أن هويات أثرياء مغاربة وزوجاتهم وأبنائهم ظهرت في تقارير المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك وزجر الغش (DGCCRF)، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسية. جاء ذلك في إطار عملية تدقيق موسعة حول العقارات الفاخرة في غرب العاصمة باريس، تحديداً في المقاطعات الثالثة والسادسة والسابعة والثامنة. عملية التدقيق جاءت للتحقق من وضعية عدد من الممتلكات العقارية ذات الأسعار الباهظة، وهوية ملاكها، وكذلك مدى التزام الوكلاء العقاريين بالإجراءات الاحترازية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأوضحت المصادر أن عملية التدقيق التي استمرت عدة أيام ركزت بشكل خاص على “عقارات مجمدة” لم يتم استغلالها للسكن أو الكراء منذ سنوات عديدة. هذا الأمر أثار حالة من التخوف بين أثرياء مغاربة يمتلكون عقارات فاخرة في باريس لم يتم التصريح بها لمكتب الصرف أو مصالح المراقبة الضريبية في المغرب، على الرغم من أنهم يزاولون أنشطة استثمارية وتجارية في المملكة بشكل دائم.
وذكرت المصادر أن المعلومات التي تم جمعها خلال عملية التدقيق ظلت رهن إشارة “دركي الصرف” بناءً على طلبهم، وذلك في إطار عملية التحقق من الممتلكات والموجودات في الخارج الخاصة بمواطنين مغاربة بعد انتهاء أجل التسوية التلقائية، والذي سينتهي غداً الثلاثاء. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن أصحاب العقارات الفاخرة في باريس سيضطرون إلى تبرير مصادر الحصول على هذه الممتلكات، مع إمكانية تعرضهم لمتابعات إدارية وقضائية، بالإضافة إلى دفع المستحقات الإبرائية الواجب عليهم دفعها.
كما أكدت المصادر أن هويات هؤلاء الملاك ظهرت بشكل عرضي أثناء عملية التدقيق التي كانت تهدف أساساً إلى التحقيق في غسل الأموال وتمويل الإرهاب باستخدام عقارات فاخرة، وخاصة تلك التي تخص رجال أعمال روس تم تجميد حساباتهم في إطار قرارات أوروبية بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية. وقد تم تسجيل استغلال هؤلاء الملاك لوكالات عقارية لإدارة نفقات الصيانة ودفع الفواتير بشكل سنوي، بينما ظلت ممتلكاتهم غير مستغلة في أي أنشطة استثمارية أو ربحية.
وتعتمد عملية التسوية التلقائية لممتلكات المغاربة في الخارج على المادة الثامنة من قانون المالية رقم 55.23 لسنة 2024، الذي يشكل الإطار القانوني لهذه العملية. وهي ثالث عملية تسوية من نوعها، بعد عمليات التسوية التي تمت في سنتي 2014 و2020. يتيح هذا القانون للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المقيمين في المغرب والذين يمتلكون ممتلكات في الخارج لم يتم التصريح بها بشكل قانوني، تسوية وضعيتهم المالية. وتشمل الممتلكات المعنية العقارات والأصول المالية والحسابات البنكية المفتوحة في الخارج.
وكشفت المصادر عن تباطؤ في وتيرة التصريح بالممتلكات في الخارج لمصالح مكتب الصرف في إطار الاستفادة من عملية التسوية التلقائية، خاصة في ظل عدم وجود أي مقتضى في قانون المالية 2025 لتجديد هذه العملية. ورغم المزايا التي قدمتها، مثل عدم التعرض لأية ملاحقات قانونية أو قضائية، فقد تبين أن عملية التسوية تواجه بعض الصعوبات في تطبيقها. وأشارت المصادر إلى أن “دركي الصرف” سيعتمد في العام المقبل على تكثيف عملية تبادل المعلومات مع المؤسسات المالية الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لمتابعة وضبط ممتلكات المغاربة في الخارج.
تعد هذه التحقيقات خطوة هامة في محاولة تعزيز الشفافية المالية ومكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال، وتكثف السلطات المغربية جهودها لمتابعة أموال مواطنيها في الخارج بما يخدم المصلحة العامة ويعزز الاقتصاد الوطني.