شهد منتزه الغابة الحضرية ابن سينا بالرباط، المعروف بمنتزه “هيلتون”، تنظيم سباق رياضي يحمل طابعا إنسانيا، يوم السبت، بمبادرة من السفارة الإسبانية بالمغرب، والمدرسة الإسبانية بالرباط، والمعهد الثقافي الإسباني “سيرفانتس”. وخصصت عائدات هذا الحدث الخيري لجمع التبرعات لصالح المتضررين من الفيضانات التي اجتاحت مؤخرا مناطق مختلفة في إسبانيا، بما فيها مدينة فالنسيا.
السباق عرف مشاركة مئات الأشخاص من مختلف الجنسيات، مغاربة وإسبانا، إلى جانب جنسيات أخرى، مما عكس روح التضامن العابر للحدود. وأعلن المنظمون أن التبرعات المجمعة ستخصص بشكل أساسي لإعادة تأهيل المدارس المتضررة في فالنسيا ودعم تمدرس الأطفال هناك، في خطوة تعكس التآزر الإنساني.
تراوحت رسوم المشاركة بين 50 درهما للأطفال و100 درهم أو أكثر للكبار، حيث قطع المشاركون مسافة تصل إلى 6 كيلومترات على مدى لفّتين، فيما اكتفى الأطفال بلفّة واحدة تبلغ مسافتها الإجمالية 3 كيلومترات. وتزين الحدث بشعار “معا نحن أقوى”، حيث سجل حضور شخصيات بارزة، على رأسها السفير الإسباني بالمغرب إنريكي أوجيدا فيلا، ومسؤولون يمثلون المؤسسات التعليمية والثقافية الإسبانية بالمملكة.
أشاد السفير الإسباني في تصريح صحفي بدور المغرب في دعم بلاده، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، منذ اللحظات الأولى للفيضانات، مؤكدا أن هذه المبادرة تعكس عمق العلاقات التي تتجاوز مفهوم الجوار بين البلدين لتصل إلى مستوى الشراكة الإنسانية. وأضاف أن مشاركة المتطوعين المغاربة في جهود إعادة الإعمار بالمناطق المتضررة في إسبانيا تعكس الروح الأخوية التي تجمع الشعبين.
من جانبه، أكد مدير معهد “سيرفانتس” الثقافي بالرباط، أناستازيو سانشيز زامورانو، على أهمية الحدث، مشيرا إلى أن التعاون المغربي الإسباني لم يكن وليد اللحظة، بل تجدد في العديد من المحطات، بما فيها أزمة الزلزال التي ضرب المغرب مؤخرا. وأضاف أن المغاربة أثبتوا مرارا التزامهم بالتضامن الإنساني، سواء داخل بلادهم أو مع جيرانهم.
وعلى هامش الحدث، أعرب المشاركون عن سعادتهم بهذه المبادرة، مشيرين إلى أن السباق كان فرصة للتعبير عن روح التعاون والمساندة. وأكد أحد الأطفال المشاركين، غالي القصري، الذي فاز بالمركز الأول في سباق الصغار، على أهمية هذه المبادرات التي تعزز القيم الإنسانية، مشيرا إلى أنه استفاد من أخطاء زملائه لتحقيق الفوز.
ورغم الأجواء الإيجابية التي رافقت هذا الحدث الخيري، إلا أنه أثار بعض النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل البعض عن أولويات مثل هذه المبادرات، مشيرين إلى أن هناك مناطق مغربية مثل الحوز وطاطا والصحراء الشرقية ما زالت بحاجة إلى دعم كبير جراء الكوارث الطبيعية التي شهدتها مؤخرا. واعتبر آخرون أن المساعدة الإنسانية لا تعرف حدودا وأن دعم فالنسيا، رغم أنها منطقة غنية، يحمل رمزية قوية في تعزيز علاقات الصداقة مع إسبانيا.
في النهاية، يبقى هذا السباق دليلا على قدرة الرياضة على الجمع بين الشعوب وتعزيز قيم التضامن الإنساني. ومن المؤكد أن المبادرات المماثلة، سواء داخل المغرب أو خارجه، تسهم في نشر ثقافة الدعم المتبادل وتوطيد العلاقات بين الدول والشعوب.