وزارة الفلاحة تطلق برنامجاً لدعم التحول إلى الطاقة الشمسية في القطاع الفلاحي

Heure du journal - خالد وجنا

أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية عن إطلاق برنامج طموح لدعم التحول نحو استخدام الطاقة الشمسية في ضخ مياه الري، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الاعتماد على الطاقات المتجددة وتحقيق استدامة القطاع الفلاحي في المغرب. هذا البرنامج، الذي بدأ تنفيذه منذ شهر نونبر الماضي، يشمل مساحة زراعية تصل إلى 51 ألف هكتار، ويهدف إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية التي تزيد من التكاليف وتثقل كاهل الفلاحين، لا سيما في ظل الظروف المناخية المتغيرة التي تؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية والزراعية.

 

وفي جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أوضح أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، أن هذا البرنامج يمثل خطوة مهمة ضمن رؤية استراتيجية تعتمد على تطوير فلاحة مستدامة ومقاومة للتغيرات المناخية. وبيّن الوزير أن صندوق التنمية الفلاحية سيتولى تقديم دعم مالي مباشر لتشجيع اقتناء وتركيب الألواح الشمسية والمضخات اللازمة لاستخدامها في عمليات الري. ويصل حجم الدعم إلى 30 في المائة من التكلفة الإجمالية للمعدات والتركيب، على أن يتم تحديد سقف الإعانة عند مبلغ 30 ألف درهم لكل مشروع، وهو ما يعكس رغبة الحكومة في تحفيز الفلاحين على الاستفادة من هذا البرنامج.

 

وأضاف الوزير أن الوزارة تعمل على تعميم استخدام الطاقات المتجددة في جميع محطات تحلية مياه البحر بالمملكة. ومن بين هذه المحطات، محطة الداخلة لتحلية مياه البحر، التي تعد نموذجاً رائداً، حيث تعتمد بشكل كامل على الطاقة الريحية. وأشار إلى أن هذه المحطة ستساهم في إنشاء مدار سقوي جديد يمتد على مساحة 5 آلاف هكتار، مما يعزز من إنتاجية القطاع الزراعي في المنطقة، ويوفر حلاً مبتكراً لتلبية احتياجات الري في المناطق التي تعاني من ندرة الموارد المائية.

 

وفي سياق متصل، أكد البواري أن الهدف من هذه المشاريع هو تحقيق نسبة 20 في المائة من إجمالي الطاقة المستخدمة في القطاع الفلاحي من مصادر متجددة بحلول السنوات المقبلة. وأبرز أن هذه الجهود تنسجم مع التزامات المغرب الدولية المتعلقة بالاستدامة، وخاصة تلك المدرجة ضمن الاتفاقيات البيئية العالمية، مثل اتفاقية باريس للمناخ. ويعد تعزيز استخدام الطاقة الشمسية خطوة محورية في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع الزراعي، الذي يُعتبر من بين القطاعات الحيوية والمرتبطة بشكل مباشر بالأمن الغذائي.

 

وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية شاملة تستهدف تحسين كفاءة استخدام الموارد المائية والطاقة في القطاع الفلاحي، الذي يواجه تحديات متزايدة نتيجة تغير المناخ وانخفاض معدل التساقطات المطرية. فالاعتماد على الطاقة الشمسية يمكن أن يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية للفلاحين، ويتيح لهم إمكانية تحقيق مردودية أعلى في ظل انخفاض الأعباء المتعلقة بالطاقة.

 

ويشهد المغرب تطوراً ملحوظاً في مجال الطاقات المتجددة، حيث يعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى القارة الإفريقية. وتعمل الحكومة على تعزيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، سواء في القطاع الزراعي أو الصناعي، بهدف تحقيق التنمية المستدامة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري. ويُنظر إلى برنامج دعم التحول إلى الطاقة الشمسية في الري كإحدى المبادرات الرئيسية لتسريع هذا الانتقال وتعزيز الاقتصاد الأخضر في المملكة.

 

ويأتي البرنامج في وقت حرج، حيث يواجه القطاع الفلاحي تحديات كبيرة نتيجة شح الموارد المائية وارتفاع التكاليف المرتبطة بعمليات الري التقليدي. ومن المتوقع أن يسهم هذا الدعم في تحسين الوضعية الاقتصادية للفلاحين، خاصة في المناطق القروية التي يعتمد سكانها بشكل كبير على النشاط الزراعي كمصدر رئيسي للعيش.

 

ومن خلال هذا البرنامج، تسعى وزارة الفلاحة إلى بناء نموذج فلاحي جديد يركز على الاستدامة والابتكار، ويهدف إلى تقليل التبعية للطاقة التقليدية. كما يتوقع أن يعزز البرنامج من مشاركة الفلاحين في المبادرات الوطنية للحفاظ على البيئة، مع تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والبيئية.

 

تجدر الإشارة إلى أن المبادرة تُعتبر جزءاً من رؤية أشمل لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في المغرب، في ظل التغيرات المناخية العالمية التي تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الحيوية. ويأمل الفاعلون في القطاع الزراعي أن تساهم مثل هذه البرامج في تحسين الظروف المعيشية للمزارعين، وتعزيز صمودهم أمام التحديات المناخية والاقتصادية المستقبلية.