نقابات الصيادلة تصعد احتجاجاتها بعد رفض الوكالة المغربية للأدوية استقبالها وتطالب بتدخل عاجل للحكومة

Heure du journal

في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في الصراع بين النقابات الصيدلانية والجهات الحكومية، أصدرت المركزيات النقابية الأربع للصيادلة بلاغًا للرأي العام الوطني في 24 فبراير 2025، تعبر فيه عن استنكارها العميق واستيائها من الطريقة التي تعاملت بها الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية مع مطالبها. تأتي هذه الخطوة في سياق محاولات النقابات تحقيق إصلاحات جذرية لقطاع الصيدليات، الذي يعاني من مشاكل هيكلية حادة تهدد استقرار الصيدليات الوطنية. وتبدأ هذه القصة منذ توقيع محضر مشترك في 15 أبريل 2023 بين المركزيات النقابية الأربع ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وذلك في أعقاب الإضراب الوطني التاريخي الذي شل حركة الصيدليات عبر كامل التراب الوطني، احتجاجًا على الأوضاع المتدهورة التي يعاني منها القطاع.

 

تم التوصل إلى هذا المحضر بعد سلسلة من الحوارات بين الأطراف المعنية، والتي أسفرت عن قرار تعليق الإضرابات المقررة في انتظار مخرجات الحوار الفعلي مع قطاع الصيدليات. هذا الاتفاق كان يعد بمثابة أمل للصيادلة في الحصول على حلول عملية وفعالة للأزمة التي يعيشونها، لا سيما في ظل التقارير التي تشير إلى أن ثلث الصيدليات الوطنية مهددة بالإفلاس نتيجة لعدة عوامل من بينها السياسات الحكومية المرتبكة السابقة التي أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي للمؤسسات الصيدلانية. وقد كانت التوقعات تشير إلى أن الحكومة ستعمل على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات التي من شأنها تحقيق الاستقرار في هذا القطاع الحيوي.

 

ولكن وعلى الرغم من توقيع الاتفاق مع الوزارة، والذي كان من المفترض أن يفضي إلى إنشاء لجنة مشتركة من أجل متابعة تنفيذ الإصلاحات، فوجئت النقابات في الآونة الأخيرة بمواقف غير متوافقة مع تعهدات الحكومة. إذ بعد مراسلتها للوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية بشكل مشترك، طلبت النقابات لقاء مع السيد المدير العام للوكالة لبدء مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الفعالة. غير أن الوكالة قامت بتوجيه دعوة منفردة لكل نقابة على حدة، وهو ما اعتبرته النقابات إعادة لتكرار السيناريوهات السابقة التي تجاوزتها منذ سنوات، وبداية لعرقلة أي محاولة لتحقيق التقدم في هذا الملف.

 

والأمر الأكثر إشكالًا هو أن النقابات تفاجأت برفض السيد المدير العام للوكالة استقبالها في الموعد المحدد، حيث كانت النقابات قد حضرت بالفعل إلى مقر الوكالة يوم 24 فبراير 2025، إلا أن المفاجأة كانت في عدم استقبالها رغم تأكيدات سابقة على موعد اللقاء. هذا التصرف أثار استياء واسعًا في صفوف النقابات، وأدى إلى تفاقم الاحتقان داخل القطاع، الذي بات يعاني من تدهور مستمر في الأداء بسبب عدم الاستقرار الإداري والسياسي. من جانبها، أكدت النقابات أنها كانت قد وضعت كل آمالها في الوكالة المغربية للأدوية باعتبارها مؤسسة حكومية مسؤولة عن تنظيم القطاع الصيدلي، وأن هذا الموقف يعد بمثابة خيبة أمل كبيرة بالنسبة لها، ويجعلها في موقف لا يحسد عليه، بعد أن كانت قد علقت إضراباتها بناء على وعود بحلول عملية.

 

ونتيجة لهذا الوضع، أعلنت النقابات في بلاغها عن قرارها بتوجيه طلب عاجل إلى السيد رئيس الحكومة، الذي يتحمل المسؤولية المباشرة عن سير عمل الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، من أجل التدخل العاجل للحد من هذا الاحتقان ووقف أية محاولات قد تفضي إلى تدمير جهود النقابات في تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للصيادلة. كما أكدت النقابات أنها ستكون مجبرة على استئناف تصعيدها النضالي في الأيام المقبلة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبها بشكل جاد، مشيرة إلى أن الاستمرار في تجاهل مطالبها سيؤدي إلى مزيد من تفاقم الأوضاع داخل القطاع.

 

وفي السياق ذاته، شددت النقابات على ضرورة أن تتبنى الوكالة المغربية للأدوية مبدأ الشفافية والتعاون مع كافة الأطراف المعنية، والعمل على تسريع وتيرة الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها سابقًا. كما نبهت إلى أن أي تماطل أو تأخير في تنفيذ هذه الإصلاحات سيؤثر سلبًا على استقرار الصيدليات، وسيهدد تقديم الخدمات الصحية للمواطنين. من هذا المنطلق، أكدت النقابات على أن هذه الأزمة ليست فقط أزمة مهنية، بل هي أزمة وطنية تؤثر بشكل مباشر على صحة المواطن المغربي، الذي يعتمد بشكل كبير على الصيدليات لتوفير الأدوية والخدمات الصحية الأساسية.

 

في الختام، أعربت النقابات عن تمسكها بالوحدة الوطنية للصيادلة، وأكدت أنها ستظل تسعى بكل الطرق المشروعة لتحقيق ملفها المطلبي، الذي يهدف إلى تحسين ظروف العمل والارتقاء بالقطاع الصيدلي، بما يتماشى مع التوجهات السامية لجلالة الملك نصره الله، الذي أطلق عدة أوراش استراتيجية تهدف إلى إصلاح قطاع الصحة بشكل عام. وبناء على ذلك، دعت النقابات الحكومة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والعمل على تحقيق الاستقرار في قطاع الصيدليات لحماية المهنة ومكتسباتها.