مانشستر سيتي يودع دوري الأبطال بهزيمة قاسية أمام ريال مدريد ويبدأ رحلة التغيير

Heure du journal

في أمسية أوروبية ثقيلة على جماهير مانشستر سيتي، تذوق الفريق الإنجليزي مرارة الهزيمة القاسية أمام ريال مدريد في مباراة حاسمة بدوري أبطال أوروبا. في ملعب “سانتياغو برنابيو”، كان الانتظار المشحون بالتوقعات يسبق بداية المباراة، لكن ما حدث على أرض الملعب كان بعيدًا كل البعد عن الطموحات التي كانت تحملها جماهير مانشستر سيتي. افتتح كيليان مبابي التسجيل سريعًا في الدقيقة الرابعة، ليضع ريال مدريد في المقدمة، ومن ثم أضاف هدفين آخرين ليحقق هاتريك رائعًا، مسلطًا الضوء على الفجوة الكبيرة بين الفريقين في هذه الليلة.

 

كانت البداية بالنسبة لمانشستر سيتي كارثية، إذ لم يتمكن الفريق من إيجاد أي إجابات أمام الهجوم المدريدي السريع والمكثف. لم تقتصر الهزيمة على النتيجة الثقيلة فحسب، بل كان الأداء سيئًا لدرجة أن العديد من لاعبي سيتي بدوا عاجزين عن مجاراة ريتم المباراة. في الوقت الذي تلاعب فيه ريال مدريد بسيتي، كان مدرب الفريق الإنجليزي بيب غوارديولا في موقف لا يُحسد عليه، إذ بدت خطط فريقه غير فعالة وغير قادرة على التأثير في سير اللقاء. لم يظهر الفريق أي بوادر على نية العودة إلى المباراة بعد تلقي الهدف الأول، وعندما أضاف مبابي هدفه الثاني في الدقيقة 33، كان واضحًا أن الفارق بين الفريقين كان شاسعًا.

 

في الشوط الثاني، وبعد أن سجل مبابي هدفه الثالث في الدقيقة 61، لم يكن هناك أي مجال للشك في هوية الفريق المتفوق. أصبح ريال مدريد يلعب وكأنه في تدريب، حيث استحوذ على الكرة وسير المباراة بكل سلاسة، بينما كان مانشستر سيتي يتراجع تدريجيًا نحو السقوط. لم يعد الفريق الإنجليزي قادرًا على خلق الفرص، وأظهر حالة من الضعف في الأداء والروح القتالية. وبينما كانت المدرجات في “سانتياغو برنابيو” تكتظ بالاحتفالات والفرح المدريدي، كانت جماهير سيتي، التي سافرت لمتابعة فريقها، تشهد على انهيار فريقهم أمام أعينهم.

 

ما زاد من قسوة الهزيمة هو غياب عدد من اللاعبين الرئيسيين في تشكيل سيتي. فقد شارك إيرلينغ هالاند في المباراة ولكن بعد معاناته من إصابة في الركبة، بينما خرج المدافع جون ستونز مصابًا أيضًا، ليضيف عبئًا إضافيًا على الفريق. لم يكن من الممكن التعلل بإصابات اللاعبين كعذر للأداء الباهت، لأن سيتي لم يظهر أبدًا بمستوى الفريق الذي عرفناه في السنوات الماضية. كانت هذه الهزيمة بمثابة ضربة معنوية موجعة، خاصة وأن مانشستر سيتي كان قد تلقى هزيمة في مباراة الذهاب على أرضه بنتيجة 3-2، مما جعل من هذه المباراة فرصة للثأر والانتقام. لكن سيتي، بدلاً من أن يحقق المعجزة التي كان ينتظرها عشاقه، سقط بشكل مفاجئ وبطريقة مخيبة.

 

بالنسبة لبيب غوارديولا، كان من الواضح أن هذه الهزيمة تُمثل لحظة فارقة في مسيرته مع مانشستر سيتي. في تصريحاته بعد المباراة، قال غوارديولا: “أفضل فريق فاز، عليهم أن يقبلوا ذلك ويتقدموا للأمام”. في هذه الكلمات، كان مدرب سيتي يعترف بفشل خططه في تلك المباراة ويؤكد على ضرورة قبول الواقع. ورغم شعوره بالحزن، إلا أنه أكد أن الوقت لا يزال متاحًا للتغيير، مشيرًا إلى أن الفريق لديه 13 مباراة أخرى في الدوري الإنجليزي للتأهل مرة أخرى إلى دوري الأبطال في الموسم المقبل.

 

ورغم اعتراف غوارديولا بالحاجة إلى إعادة بناء الفريق، إلا أن الواقع يشير إلى أن سيتي في حاجة ماسة إلى تجديد دمائه. فالفريق الذي سيطر على معظم المسابقات المحلية في السنوات الأخيرة، بدأ يفقد بريقه تدريجيًا. من أبرز هؤلاء اللاعبين الذين أصبحوا في مرحلة الانحدار، هو كيفن دي بروين، الذي لم يقدم نفس الأداء الذي كان يظهره في السنوات الماضية، وكذلك إيدرسون حارس المرمى الذي لم يعد مصدر الاطمئنان كما كان في السابق. ولا يمكننا أن ننسى غياب التأثير الكبير من جانب اللاعبين الآخرين مثل إيلكاي غوندوغان وبيرناردو سيلفا، الذين أصبحوا بعيدين عن مستوى سابقهم. هذا يشير بوضوح إلى أن مانشستر سيتي بحاجة إلى دماء جديدة، سواء في خط الهجوم أو الدفاع، ليعود الفريق إلى المنافسة على أعلى المستويات.

 

أما بالنسبة لجماهير سيتي، فكانت هذه المباراة بمثابة إعلان عن نهاية حقبة، على الأقل فيما يتعلق بالأداء والمستوى الذي كانوا يعهدونه من فريقهم. لقد كانت الهزيمة قاسية للغاية، وتأكيدًا على أن الفريق بحاجة إلى تغييرات جذرية إذا كان يريد العودة إلى القمة. ومع تصاعد الضغط على غوارديولا، سيكون من الصعب عليه أن يواصل السير على نفس النهج بعد هذه الخيبة الكبيرة. لابد من إجراء تغييرات حقيقية داخل الفريق إذا أراد النادي استعادة المجد الذي حققه في الماضي.

 

يمكن القول أن مباراة مانشستر سيتي ضد ريال مدريد ستكون واحدة من المباريات التي سيظل مشجعو سيتي يتذكرونها طويلاً. إنها علامة فارقة في مسيرة فريق كان يعتبر واحدًا من أقوى الفرق في أوروبا، لكن اليوم أصبح في حاجة ماسة إلى تغيير حقيقي ليعود إلى منافسة كبار أوروبا مجددًا.