كرمة بوشريط ذاكرة الجديديين

Heure du journal - عبدالمالك اجريري

إن الزائر لمدينة الجديدة وهو يهم بالمرور من شارع البرانس الذي يقع وسط المدينة القديمة، تستوقفه شجر عملاقة ذات أوراق خضراء وأغصان طويلة تغطي مساحة مهمة من رصيف لبرانس، تحمل كل ورقة منها تاريخا فاخرا عند أبناء مزغان ما زال يروى إلى يومنا هذا، فكل ركن منها يكتنز بين طياته حمولة تاريخية قابلة للدراسة والتدريس.
كانت الشجرة شاهدة على ثلة من الأحداث ارتبطت بتاريخ سكان الجديدة على مدى قرون خلت، فلا طالما كانت ذاكرتهم ومكانهم المعتاد عند كل الاحتفالات والاجتماعات الدينية والأفراح التقليدية التي كان يقوم بها سكان الجديدة.
المكان الجغرافي وسبب التسمية

تقع كرمة بوشريط في وسط المدينة القديمة بشارع البرانس الذي يعد الشارع الأكثر حيوية للمدينة، تلقي بظلالها على مساحة مهمة من الأرض، مما يسمح للمارة بأخذ قسط من الراحة النفسية والـتأمل في حركة المدينة، نظير ما توفره من شعور بنوع من الآمان والهدوء، حيث تمزج فيها روح الأصالة بنكهة التحديث.
وقد قادنا النبش في تاريخ الشجرة إلى حوار حصري مع رجل سبعيني يحمل بعضا من الذكريات مع الشجرة، حيث قال: ” إن سبب تسميتها يعود إلى لقب صاحبها الذي كان رجلا غنيا معروفا بين أبناء الجديدة، يملك عددا مهما من الحافلات المخصصة لنقل المسافرين، لكنه كان يشد سرواله بمجموعة من الحبال (الشريط) التي كان يصنعها من الأشجار، إذ كان يعمل على فتلها ليحصل في نهاية المطاف على حزام لسرواله، فلقبته الساكنة ب ” بو شريط “، وهو اللقب الذي اتخذه شارع برمته ومعه الشجرة أيضا التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بلقب الرجل” على حد تعبيره، غير أن إثبات هذا التأصيل أو نفيه يحتاج إلى مزيد من الحفر والتنقيب.

شجرة بوشريط بين المطرقة والسندان

تعيش كرمة بوشريط خلال السنوات الأخيرة مجموعة من المخاطر، تهدد سلامة استمراها ولعل من أبرزها، خطر الدخان الذي يحدثه الباعة، ناهيك عن تراكم النفايات بجانبها، وغياب صنبور خاص يعمل على تزويدها بماء السقي، فالشجرة منذ سنوات مضت، تعتمد على مياه الأمطار في غياب تام لدور للجهات المعنية بالمحافظة عليها، رغم ما شهدته بلادنا من شح وجفاف في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة، حتمت على الشجرة مقاومة حاضرها البئيس بمفردها دون مد يد المساعدة لها، رغم ما تمثله من حضارة وتراث لامادي عند عموم الجديديين، إذ تعد رمزا من رموز المدينة الشاهد على كل حقبة من حقبها على مر العصور