اعلان
اعلان
ثقافة وفن

في حاجة إلى العبث

مسرحية “نوستالجيا” لعبد المجيد الهواس، تُعد لوحة فنية تنبض بالحياة، تُعانق الحنين إلى الماضي وتُشرق بتأملات في الحاضر والمستقبل. تُعتبر الذاكرة في هذا العمل محورًا أساسيًا، تنسج من خلاله خيوط الزمان والمكان، مُظهرةً كيف يُمكن للماضي أن يُشكل جوهر هويتنا ويُؤثر في وجودنا.

في صميم النص، نُواجه تساؤلات عميقة حول معنى الوطن والانتماء، تُطرح من خلال شخصيات تبحث عن معنى في عالم يبدو أنه فقد بوصلته. تعيش هذه الشخصيات في تداخل بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والوهم، في رحلة لإيجاد مكان لها في العالم.

اعلان

وفي قلب العمل، يبرز مفهوم التطهير كعنصر محوري، حيث تُعالج المسرحية الصراعات الداخلية للشخصيات وتُقدم للمشاهد فرصة للتفاعل العاطفي والفكري. يُعتبر التطهير النفسي عبر التعبير عن العواطف والتجارب، وسيلة للجمهور للتعاطف والتفاعل مع الشخصيات، بينما يُمثل التطهير الفني استخدام اللغة والصور البصرية والأداء لإثارة العواطف والتفكير. التطهير الاجتماعي يظهر من خلال النقد الاجتماعي والسياسي الذي تُقدمه المسرحية، مُحفزًا المجتمع على التأمل في قضاياه الراهنة.

المسرحية تُسلط الضوء أيضًا على تأثير العولمة على الثقافات المحلية، مُظهرةً الصراع بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على العالم. يتجلى هذا الصراع في النص من خلال استخدام الرموز
والمجازات التي تحمل معاني متعددة.

من الناحية الإخراجية، تُبدع المسرحية في استخدام أساليب مبتكرة تجمع بين الأداء الحي والتقنيات السمعية والبصرية لخلق تجربة مسرحية غامرة. الإضاءة، الموسيقى، والديكورات كلها تساهم في بناء عالم المسرحية وتعزيز الرسالة التي تحملها.

الديكور في “نوستالجيا” يُعتبر أكثر من مجرد خلفية، بل هو جزء لا يتجزأ من السرد الدرامي ويُساهم بشكل فعّال في تقديم الرسالة الكلية للمسرحية. يُستخدم الديكور ليس فقط كخلفية بصرية، بل كعنصر يتفاعل مع الشخصيات ويعكس الأبعاد النفسية والفلسفية للعمل.
على الصعيد النفسي، يساهم الديكور في تجسيد الحالة العاطفية والذهنية للشخصيات. على سبيل المثال، قد يُظهر الديكور البسيط أو المعقد حالة الشخصية من الناحية النفسية، مثل الشعور بالحنين أو الضياع.

فلسفيًا، يمكن للديكور أن يُبرز موضوعات مثل الزمان والمكان، والعلاقة بين الإنسان والكون، والبحث عن الهوية. العناصر الديكورية مثل الأبواب، النوافذ، أو الأشياء الرمزية يمكن أن تُستخدم لتمثيل الانتقالات والتحولات في حياة الشخصيات.

على المستوى السياسي، يعكس الديكور التغيرات الاجتماعية والثقافية، ويمكن أن يُشير إلى الصراعات الداخلية أو الخارجية التي تواجه الشخصيات. الديكور قد يُستخدم لتصوير البيئات المختلفة التي تُشكل خلفية للأحداث السياسية والاجتماعية في المسرحية.
بشكل عام، الديكور في “نوستالجيا” يُعتبر أكثر من مجرد خلفية، بل هو جزء لا يتجزأ من السرد الدرامي ويُساهم بشكل كبير في تقديم الرسالة الشاملة للمسرحية.
•في الختام، “نوستالجيا” ليست مجرد مسرحية، بل هي دعوة للتفكير والتأمل في القضايا الإنسانية العميقة التي تواجهنا جميعًا. إنها تحدي للمشاهد ليس فقط لمشاهدة العرض، بل ليصبح جزءًا من الحوار الذي تثيره المسرحية.

اعلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى