
HEURE DU JOURNAL – الرباط
منذ بداية سنة 2025، خسر الدولار الأمريكي حوالي 4.4 في المائة من قيمته أمام الدرهم المغربي. هذا التراجع أثّر بشكل مباشر على أرباح الشركات المغربية التي تبيع منتجاتها في الخارج، خصوصًا في قطاعات النسيج والمناجم والصناعة التحويلية.
لكن في المقابل، استفادت الشركات المستوردة من قوة العملة الوطنية، ما جعل التأثير الإجمالي متفاوتًا بين القطاعات.
ضغط متزايد على الشركات المصدّرة
يؤكد خبراء الاقتصاد أن انخفاض قيمة الدولار يضر بالمصدرين، لأنهم يتقاضون عائداتهم بالدولار ويحوّلونها إلى الدرهم. لذلك، كل تراجع في سعر الصرف يؤدي إلى انخفاض الأرباح بالعملة المحلية.
ويشرح الخبير المالي عبد الرحيم العلوي أن “الشركات التي لا تعتمد أدوات مالية للحماية من تقلبات الصرف تفقد جزءًا مهمًا من أرباحها فور تراجع الدولار”.
إضافةً إلى ذلك، تتأثر القطاعات المرتبطة بالأسواق الأمريكية بشكل أكبر، خصوصًا تلك التي تعتمد على عقود طويلة الأمد بالدولار.
بورصة الدار البيضاء تحافظ على توازنها
رغم هذه التقلبات، واصلت بورصة الدار البيضاء أداءها الإيجابي خلال السنة الجارية. فقد بلغ رقم معاملات الشركات المدرجة أكثر من 84.9 مليار درهم خلال الربع الأول من 2025، أي بزيادة قدرها 7.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من 2024.
ومن جهة أخرى، ساهمت البنوك وشركات التأمين والمؤسسات الصحية في دعم هذا الأداء الجيد، في حين واجهت الشركات المصدّرة صعوبات متزايدة نتيجة تقلّص هوامش الربح.
مع ذلك، تُظهر المؤشرات أن الثقة في السوق ما تزال مرتفعة بفضل متانة الاقتصاد الداخلي.
المستوردون في موقع مريح
في المقابل، استفادت الشركات المستوردة من تحسّن سعر صرف الدرهم. فارتفاع قيمته خفّض كلفة استيراد المواد الخام والتجهيزات القادمة من السوق الأمريكية.
ويقول المحلل الاقتصادي سعيد الوردي إن “الموزعين وشركات التجهيزات الصناعية حققوا أرباحًا إضافية خلال النصف الأول من 2025 بفضل تراجع كلفة الاستيراد”.
إضافة إلى ذلك، سمح انخفاض الأسعار بتحسين هوامش الربح وتوسيع القدرة التنافسية داخل السوق المحلية.
حلول لتقليص أثر تقلبات العملة
ولمواجهة هذه التحديات، يدعو خبراء الاقتصاد الشركات المغربية إلى اعتماد استراتيجيات مالية واضحة للحد من المخاطر.
من بين هذه الحلول: توقيع عقود آجلة لتثبيت سعر الصرف، وتنويع العملات في التعاملات التجارية، إضافةً إلى مراجعة العقود مع الزبناء والموردين لتضمين بنود خاصة بتغير الأسعار.
كما يُنصح بالتركيز على الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على المواد المستوردة، خصوصًا في القطاعات الحساسة.
مراقبة بنك المغرب للوضع الاقتصادي
من جهة أخرى، يرى محللون أن استمرار تقلبات سعر الدولار يفرض على بنك المغرب متابعة دقيقة للأسواق المالية. الهدف هو الحفاظ على استقرار الدرهم وضمان توازن الصادرات والواردات.
ورغم التحديات، يعتقد عدد من الاقتصاديين أن السياسة النقدية الوطنية قادرة على امتصاص الصدمات بفضل مرونة نظام الصرف المعتمد منذ سنة 2018.
لذلك، يتوقع أن يظل المشهد الاقتصادي المغربي متوازنًا بين مصدرين متأثرين بانخفاض الدولار ومستوردين مستفيدين من قوة الدرهم.



