
“الناس لملاح”: مسلسل يجسد التعايش والتنوع الثقافي في المغرب
حقق مسلسل “الناس لملاح” نجاحاً كبيراً منذ عرض حلقاته الأولى، حيث سجل نسب مشاهدة مرتفعة وخلق نقاشاً واسعاً في الأوساط الفنية المغربية. يعود هذا النجاح إلى التفاعل الكبير من الجمهور مع قصة المسلسل وشخصياته المتعددة، التي يجسدها نخبة من نجوم الدراما المغربية، من بينهم ربيع القاطي، هدى صدقي، عبد الحق بلمجاهد، إيفا قادوش، محسن مالزي، سارة فارس، أمال التمار، الصديق مكوار، مصطفى هنيني، المصطفى خليلي، فاطمة حركات، مصطفى حقيق، علاء الدين الحواص، وخديجة عدلي.
ما يميز “الناس لملاح” هو تجرؤه على تناول موضوعات غير مألوفة في الدراما المغربية، مسلطاً الضوء على شخصيات تاريخية حقيقية، مثل شخصية “مسعودة”، التي تمثل المرأة اليهودية المغربية التي كانت تعيش في حي درب لعلوج بمدينة الصويرة. تجسد هذه الشخصية الممثلة المغربية اليهودية إيفا قادوش، وهي من الشخصيات التي ساهمت في إبراز التعايش الديني والثقافي الذي كان سمة مميزة لتاريخ المغرب.
المسلسل يبرز بشكل واضح روح “تامغربيت”، وهي الهوية المغربية الأصيلة التي تجمع بين التنوع الثقافي والاحترام المتبادل بين مختلف مكونات المجتمع. هذه الهوية تظهر في كل تفاصيل العمل، سواء من خلال الموضوعات التي يتناولها أو الجماليات التي يتميز بها. خلفية مدينة الصويرة تلعب دوراً أساسياً في نقل التراث المغربي، بفضل ما تتمتع به المدينة من تنوع ثقافي وديني يمتد لقرون.
إلى جانب القضايا الثقافية، يعالج المسلسل مجموعة من القضايا الاجتماعية، مثل العلاقات الأسرية، الجيرة، والصداقة. هذه الموضوعات تعكس الواقع اليومي للمغاربة وتجعل المسلسل قريباً من حياة الجمهور. ومن بين العناصر التي تضفي طابعاً خاصاً على العمل، تأتي الديكورات التقليدية، الأزياء، وحتى الحوارات المدروسة بعناية، مما يعزز من عمق النص ويساهم في تقديم عمل متكامل يعكس الهوية المغربية بكل أصالتها.
النجاح الذي حققه “الناس لملاح” ليس فقط نتيجة للتمثيل المتقن أو القصة القوية، بل أيضاً بفضل جهود فريق العمل. سيناريو وحوار المسلسل من كتابة جميلة البرجي بنعيسى وأحمد بوعروة، فيما تولت جميلة البرجي إخراج العمل. هذه التوليفة من المواهب الفنية ساهمت في تقديم عمل يتجاوز حدود الدراما التقليدية، ليصبح منصة تعكس التنوع المغربي في أبهى صوره.
باختصار، “الناس لملاح” ليس مجرد مسلسل تلفزيوني، بل هو عمل فني يجسد الروح المغربية عبر تاريخها المتنوع. يروي قصصاً حقيقية عن التعايش والتسامح، ويعالج قضايا اجتماعية وثقافية مهمة من خلال شخصيات معبرة، مما يجعله من بين الأعمال الدرامية التي ستظل عالقة في ذاكرة المشاهد المغربي.



