اقتصاددولي

المغرب يعزز شراكاته الدولية للتقليل من تأثير إلغاء اتفاقيات الفلاحة والصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي

أصدرت محكمة العدل الأوروبية يوم الجمعة قراراً يقضي بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مما أثار ردود فعل غير مرحبة من الأطراف الأوروبية المتضررة، وعلى رأسها إسبانيا، التي كانت تعتمد على هذه الاتفاقيات لتمكين سفنها من دخول المياه الإقليمية المغربية للصيد.

في المقابل، أعرب المغرب عن موقفه الرافض للقرار، مؤكداً أنه غير معني به، باعتباره ليس طرفاً في القضية التي تخص الاتحاد الأوروبي من جهة، وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر من جهة أخرى. المغرب أشار إلى أن هذا القرار مشوب بعيوب وأخطاء، معتبراً أن فيه انحيازاً سياسياً، خاصة عند مقارنته مع قرارات مماثلة صادرة عن المحكمة العليا البريطانية التي أظهرت، وفقاً للمغرب، قدراً أكبر من الحياد والتبصر القانوني.

ورغم هذا الموقف، دعا المغرب المجلس والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد إلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام التزاماتهم الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة مع المملكة، مؤكدًا على ضرورة منح المغرب الضمانات القانونية التي يحق له التمتع بها بشكل شرعي، باعتباره شريكاً للاتحاد الأوروبي في عدة ملفات استراتيجية.

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي محمد الجدري إلى أن الاتحاد الأوروبي هو المتضرر الأكبر من هذا القرار، وليس المغرب. وأوضح الجدري أن عدم تطبيق الإلغاء بشكل فوري، خاصة فيما يتعلق باتفاقية الفلاحة، يعكس هذا الضرر، حيث أن أوروبا ستواجه أزمة في التزود بالسلع والمنتجات الفلاحية المغربية في حال التطبيق الفوري للإلغاء.

ورغم هذا القرار، أكد الجدري أن الحكم ليس نهائياً، حيث لا تزال هناك مرحلة النقض، التي تتيح للأطراف المتضررة، وخاصة الأوروبية منها، فرصة اللجوء إليها لمحاولة تغيير القرار.

وفيما يتعلق بالتأثير على المغرب، قال الجدري إن المملكة قد استعدت لهذا السيناريو من خلال تنويع اقتصادها وشركائها التجاريين خلال السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن المغرب يمكنه البحث عن شركاء جدد، مثل روسيا وبعض الدول الآسيوية والأوروبية، بما في ذلك بريطانيا التي تعد في حاجة إلى المنتجات الفلاحية والصيد البحري المغربية.

وأكد الجدري أن الاتحاد الأوروبي هو الذي ينبغي عليه الآن البحث عن حلول، ولا سيما البلدان الأكثر تضرراً مثل إسبانيا وفرنسا. كما شدد على أهمية أن يحدد الاتحاد الأوروبي من هو حليفه وشريكه الحقيقي، هل هي دولة عريقة تمتد جذورها لقرون مثل المغرب، أم جبهة انفصالية لا تملك أرضاً أو كياناً سياسياً مستقراً.

من هنا، يتبين أن المغرب بفضل سياسته الاقتصادية المتنوعة وشراكاته الدولية المتعددة أصبح في وضع أقل تأثراً بقرارات مثل هذه، في حين أن الاتحاد الأوروبي يجد نفسه في مأزق يجب عليه أن يعالجه بحكمة وسرعة لضمان استمرار الاستقرار في علاقاته التجارية والاقتصادية مع المملكة المغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى